الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
أربعاء ١٩ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. دروس و محاضرات
  2. دروس منوعة
  3. مفتاح دار السعادة لابن القيم 2

مفتاح دار السعادة لابن القيم 2

Your browser does not support the audio element.
فسّر هَذِه الْوُجُوه أنه  سبق فِي حكمه وحكمته أنَّ الغايات الْمَطْلُوبَة لَا تُنَال إلا بأسبابها الَّتِي جعلهَا الله أسبابًا مُفضيةً إليها، وَمن تِلْكَ الغايات: أعلى أنواع النَّعيم وأفضلها وأجلّها، فَلَا تُنَال إلا بأسبابٍ نصبها مُفضية إليها، وَإِذا كَانَت الغايات الَّتِي هِيَ دون ذَلِك لا تُنال إلا بأسبابها مَعَ ضعفها وانقطاعها: كتحصيل الْمَأْكُول والمشروب والملبوس، وَالْولد وَالْمَال والجاه فِي الدُّنْيَا، فَكيف يتَوَهَّم حُصُول أعلى الغايات وأشرف المقامات بِلَا سَبَبٍ يُفضي إليه، وَلم يكن تَحْصِيل تِلْكَ الأسباب إلا فِي دَار المجاهدة والحرث، فَكَانَ إسكانُ آدم وَذريته هَذِه الدَّار الَّتِي ينالون فِيهَا الأسباب الموصلة إلى أَعلَى المقامات من إتْمَام إنعامه عَلَيْهِم.

الشيخ: والمقصود أنَّ ما شرعه سبحانه من أعمال الخير أمرٌ فيه مصلحة العباد، وفيه امتحانهم واختبارهم، فإذا كانت أسبابُ الدنيا ما تُنال إلا بالعمل: كالتجارة، والبيع، والشراء، والأكل، والشرب، والملابس، والسكنى، وغير هذا كلها لها أسبابها، فكيف بأعلى المطالب؟ كيف بالجنة التي هي أعلى المطالب؟ فهي النَّعيم المقيم، كيف لا تكون لها أسباب؟ ولهذا شرع الله لها الأسباب التي هي توحيده وطاعته واتِّباع شريعته، والحذر مما نهى عنه، هذه الأسباب التي مَن استقام عليها وصل إلى دار الكرامة.

وسرها أيضًا أنه سُبْحَانَهُ جعل الرسَالَةَ والنبوة والخلة والتَّكليم وَالْولَايَة والعبودية من أشرف مقامات خلقه، ونهايات كمالهم، فأنزلهم دَارًا أخْرج مِنْهُم الأنبياء، وَبعث فِيهَا الرُّسُل، وَاتَّخذ مِنْهُم مَن اتَّخذ خَلِيلًا، وكلَّم مُوسَى تكليمًا، وَاتَّخذ مِنْهُم أولياء وشهداء وعبيدًا، وخاصةً يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، وَكَانَ إنزالهم إلى الأرض من تَمام الإنعام والإحسان.

وسرها أيضًا أنه أظهر لخلقه من آثَار أسمائه وجريان أحكامها عَلَيْهِم مَا اقتضته حكمته وَرَحمته وَعلمه.

وسرها أيضًا أنه تعرف إلى خلقه بأفعاله وأسمائه وَصِفَاته وَمَا أحدثه فِي أوليائه وأعدائه: من كرامته وإنعامه على الأولياء، وإهانته وإشقائه للأعداء، وَمِن أجابته دعواتهم.

الشيخ: كل هذا من سرِّ إخراج الله آدم وحواء من الجنة، وإسكانهما في الأرض؛ لهذه الحِكَم العظيمة.

الطالب: ضبط الكلمة: القرية التي مرت في "المسند": دومين، يقول في "القاموس" -سلمك الله-: ودومين، وقد تُفتح ميمه: قرية قرب حمص.

وَمِن أجابته دعواتهم، وقضائه حوائجهم، وتفريج كرباتهم، وكشف بلائهم، وتصريفهم تَحت أقداره كَيفَ يَشَاء، وتقليبهم فِي أَنْوَاع الْخَيْر وَالشَّرِّ، فَكَانَ فِي ذَلِك أعظم دَلِيلٍ لَهُم على أنه رَبهم ومليكهم، وأنه الله الَّذِي لَا إِلَه إلا هُوَ، وَأَنه الْعَلِيم الْحَكِيم، السَّمِيع الْبَصِير، وَأَنه الإله الْحقّ، وكل مَا سواهُ بَاطِل، فتظاهرت أدلةُ ربوبيته وتوحيده فِي الأرض، وتنوعت وَقَامَت من كل جَانبٍ، فَعرفهُ الموفَّقون من عباده، وأقروا بتوحيده إِيمَانًا وإذعانًا، وجحده المخذولون على خليقته، وأشركوا بِهِ ظلمًا وكفرانًا، فَهَلَك مَن هلك عَن بَيِّنَةٍ، وحيي من حيّ عن بَيِّنَةٍ، وَالله سميع عليم.

وَمَن تَأمل آيَاته المشهودة والمسموعة فِي الأرض، وَرَأى آثارها علم تَمام حكمته فِي إسكان آدم وَذريته فِي هَذِه الدَّار إلى أجلٍ مَعْلُومٍ، فَالله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا خلق الْجنَّةَ لآدَم وَذُريته، وَجعل الْمَلَائِكَةَ فِيهَا خدمًا لَهُم، وَلَكِن اقْتَضَت حكمتُه أن خلق لَهُم دَارًا يتزوَّدون مِنْهَا إلى الدَّار الَّتِي خُلقت لَهُم، وَأَنَّهُمْ لا ينالونها إلا بالزاد، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي هَذِه الدَّار: وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [النحل:7]، فَهَذَا شَأْن الِانْتِقَال فِي الدُّنْيَا من بلدٍ إلى بلدٍ، فَكيف الِانْتِقَال من الدُّنْيَا إلى دَار الْقَرار؟ وَقَالَ تَعَالَى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى [البقرة:197].

فَبَاعَ المغبونون مَنَازِلهمْ مِنْهَا بأبخس الْحَظِّ، وأنقص الثَّمن، وَبَاعَ الموفَّقون نُفُوسَهم وأموالهم من الله، وجعلوها ثمنًا للجنة، فربحت تِجَارَتُهمْ، ونالوا الْفَوْزَ الْعَظِيم، قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111].

فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَا أَخْرَج آدمَ مِنْهَا إلا وَهُوَ يُرِيد أن يُعِيدهُ إليها أكمل إعادةٍ، كَمَا قيل على لِسَان الْقَدر: "يَا آدم، لَا تجزع من قولي لَك: اخْرُج مِنْهَا، فلك خلقتُها، فَإِنِّي أنا الْغَنِيُّ عَنْهَا وَعَن كل شَيْءٍ، وأنا الْجواد الْكَرِيم، وأنا لَا أتمتع فِيهَا؛ فَإِنِّي أُطْعِم وَلَا أَطْعَم، وأنا الْغَنِيُّ الحميد، وَلَكِن انْزِلْ إلى دَار الْبَذر، فَإِذا بذرت فَاسْتَوَى الزَّرْعُ على سوقه، وَصَارَ حصيدًا، فَحِينَئِذٍ فتعالَ فاستوفه أحوج مَا أنت إليه: الْحبَّة بِعشر أمثالها إلى سَبْعمِئة ضعفٍ، إلى أضعاف كَثِيرَةٍ، فَإِنِّي أعْلَم بمصلحتك مِنْك، وأنا الْعَلِي الْحَكِيم".

الطالب: قول المؤلف: "كما قيل على لسان القدر" يقول في الحاشية: في هذا التَّعبير شيء.

الشيخ: مليس بظاهرٍ على لسان القدر، لكن على معنى كلام الربِّ جلَّ وعلا، على مقاصده سبحانه وحكمته قيل هذا، على مُقتضى حكمته وعلمه جلَّ وعلا في عباده قيل هذا، كأنه قاله .

س: ما ترون فيها بأسًا؟

ج: الأمر سهل، لكن مثل هذا قال: "لسان القدر" إشارة.

فَإِن قيل مَا ذكرتُموه من هَذِه الْوُجُوه وأمثالها إِنَّمَا يتم إِذا قيل: إِنَّ الْجنَّةَ الَّتِي أُسكنها آدم وأُهبط مِنْهَا جنَّة الْخلد الَّتِي أُعدت لِلْمُتَّقين وَالْمُؤمنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة، وَحِينَئِذٍ يظْهَر سرُّ إهباطه وإخراجه مِنْهَا، وَلَكِن قد قَالَت طَائِفَةٌ مِنْهُم أبو مُسلم، وَمُنْذِر بن سعيدٍ البلوطي.

الشيخ: هو مُنذر، عندكم "واو"؟

الطالب: في "واو" أحسن الله إليكم.

الشيخ: لا، منذر كنيته أبو مسلم.

الطالب: في الحاشية قال: منهم أبو مسلم، هو الأصبهاني.

الشيخ: الظاهر هو منذر الأصبهاني، هو أصبهاني، وهو أبو مسلم، وهو منذر، كنيته، الواو ما لها محل.

الطالب: لكن في الحاشية جعل لكلٍّ منهما تاريخ وفاةٍ.

الشيخ: أيش قال عن أبي مسلم.

الطالب: قال في الحاشية: منهم أبو مسلم، هو الأصبهاني، المتوفى سنة 322 للهجرة، وقال: منذر بن سعيد البلوطي المتوفى سنة 355.

الشيخ: ...... ما يخالف.

منهم أبو مسلم، ومنذر بن سعيد البلوطي، وَغَيرهمَا: إنها إنما كَانَت جنَّة فِي الأرض فِي مَوضِعٍ عَالٍ مِنْهَا، لَا أنها جنَّة المأوى الَّتِي أعدَّها الله لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة.

وَذكر مُنْذر بن سعيدٍ هَذَا القَوْلَ فِي تَفْسِيره عَن جمَاعَةٍ، فَقَالَ: وَأما قَوْله لآدم: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35]، فَقَالَت طَائِفَةٌ: أسكن الله تَعَالَى آدمَ جنَّةَ الْخُلد الَّتِي يدخلهَا الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَة. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ جنَّة غَيرهَا جعلهَا الله لَهُ، وأسكنه إياها، لَيست جنَّةَ الْخلد.

قَالَ: وَهَذَا قَولٌ تَكْثر الدَّلَائِلُ الشَّاهدة لَهُ، والموجبة لِلْقَوْلِ بِهِ؛ لأنَّ الْجنَّةَ الَّتِي تدخل بعد الْقِيَامَة هِيَ من حيِّز الآخرة، وَفِي الْيَوْمِ الآخر تدخل، وَلم يَأْتِ بعد، وَقد وصفهَا اللهُ تَعَالَى لنا فِي كِتَابه بصفاتها، ومُحال أن يصف اللهُ شَيْئًا بِصفةٍ ثمَّ يكون ذَلِك الشَّيْء بِغَيْر تِلْكَ الصِّفة الَّتِي وصفهَا بِهِ.

وَالْقَوْل بِهَذَا دَافعٌ لما أخبر الله بِهِ، قَالُوا: وجدنَا الله تبَارك وَتَعَالَى وصف الْجنَّةَ الَّتِي أُعدت لِلْمُتقين بعد قيام الْقِيَامَة بدار المقامة، وَلم يقم آدمُ فِيهَا، ووصفها بِأَنَّهَا جنَّة الْخُلد، وَلم يخلد آدم فِيهَا، ووصفها بِأَنَّهَا دَار جَزَاءٍ، وَلم يقل إنها دَار ابتلاء، وَقد ابتلى آدم فِيهَا بالمعصية والفتنة، ووصفها بِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا حزنٌ، وأنَّ الدَّاخلين إليها يَقُولُونَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ[فاطر:34]، وَقد حزن فِيهَا آدمُ، ووجدناه سَمَّاهَا: دَار السَّلَام، وَلم يسلم فِيهَا آدمُ من الآفات الَّتِي تكون فِي الدُّنْيَا، وسمَّاها: دَار الْقَرار، وَلم يسْتَقرّ فِيهَا آدمُ.

وَقَالَ فِيمَن يدخلهَا: وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر:48]، وَقد أَخْرَج مِنْهَا آدمَ بمعصيته.

وَقَالَ: لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ [الحجر:48]، وَقد ندَّ آدمُ فِيهَا هَارِبًا فَارًّا عِنْد إصابته الْمَعْصِيَة، وطفق يخصف ورقَ الْجنَّة على نَفسه، وَهَذَا النَّصب بِعَيْنِه الَّذِي نَفَاهُ اللهُ عَنْهَا.

وَأخْبر أنه لَا يُسمع فِيهَا لَغْوٌ وَلَا تأثيمٌ، وَقد أثم فِيهَا آدمُ، وأُسمع فِيهَا مَا هُوَ أكبر من اللَّغْو؛ وَهُوَ أنه أُمِرَ فِيهَا بِمَعْصِيَة ربِّه.

وَأَخْبر أنه لَا يُسمع فِيهَا لَغْوٌ وَلَا كذبٌ، وَقد أَسْمَعَهُ فِيهَا إبليسُ الْكَذِبَ، وغرَّه، وقاسمه عَلَيْهِ أيضًا بعد أن أسْمَعَهُ إياه.

وَقد شرب آدمُ من شرابها الَّذِي سَمَّاهُ فِي كِتَابه: شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:21]، أَي: مُطهَّرًا من جَمِيع الآفات المذمومة، وآدَم لم يُطهر من تِلْكَ الآفات.

وسمَّاها الله تَعَالَى: مَقْعَدِ صِدْقٍ [القمر:55]، وَقد كذب إبليسُ فِيهَا آدم، ومقعد الصِّدْق لَا كذبَ فِيهِ، وعليون لم يكن فِيهِ اسْتِحَالَةٌ قطّ، وَلَا تَبْدِيل، وَلَا يكون بإجماع الْمُصَلِّين، وَالْجنَّة فِي أعلى عليين.

وَالله تَعَالَى إنما قَالَ: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]، وَلم يقل: إني جاعله فِي جنَّة المأوى، فَقَالَت الْمَلَائِكَةُ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [البقرة:30]، وَالْمَلَائِكَةُ أتقى لله من أن تَقولَ مَا لا تعلم، وهم الْقَائِلُونَ: لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [البقرة:32].

وَفِي هَذَا دلَالَة على أنَّ الله قد كَانَ أعلمهم أنَّ بني آدم سيُفسدون فِي الأرض، وإلا فَكيف كَانُوا يَقُولُونَ مَا لا يعلمُونَ؟! وَالله تَعَالَى يَقُول -وَقَوله الْحق- لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الأنبياء:27]، والملائكة لَا تَقول وَلَا تعْمَل إلا بِمَا تُؤمر بِهِ، لَا غير؛ قَالَ الله تَعَالَى: وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل:50].

وَالله تَعَالَى أخبرنَا أنَّ إبليس قَالَ لآدم: هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى [طه:120]، فَإِن كَانَ اللهُ قد أسكن آدمَ جنَّةَ الْخلد وَالْمُلك الَّذِي لَا يَبْلى، فَكيف لم يردّ عَلَيْهِ نصيحتَه ويُكذبه فِي قَوله فَيَقُول: وَكَيف تدلني على شَيْءٍ أنا فِيهِ، قد أُعطيتُه واخترتُه؟! بل كَيفَ لم يَحْث التُّرَابَ فِي وَجهه ويسبّه؟! لَأنَّ إبليسَ لَئِن كَانَ يكون بِهَذَا الْكَلَام مُغويًا لَهُ، إنما كَانَ يكون زاريًا عَلَيْهِ؛ لأنه إِنَّمَا وعده على مَعْصِيَة ربِّه بِمَا كَانَ فِيهِ، لَا زَائِدًا عَلَيْهِ، وَمثل هَذَا لَا يُخَاطب بِهِ إلا المجانين الَّذين لَا يعْقِلُونَ؛ لأنَّ الْعِوَض الَّذِي وعده بِهِ بِمَعْصِيَة ربه قد كَانَ أحرزه؛ وَهُوَ الْخُلد وَالْمُلك الَّذِي لَا يَبْلى.

وَلم يُخبر اللهُ آدمَ إِذْ أسكنَه الْجنَّةَ أنه فِيهَا من الخالدين، وَلَو كَانَ فِيهَا من الخالدين لما ركن إلى قَول إبليس، وَلَا قبل نصيحته، وَلكنَّه لما كَانَ فِي غير دَار خُلُودٍ غرَّه بِمَا أطمعه فِيهِ من الْخُلد فَقَبِلَ مِنْهُ، وَلَو أخبر الله آدم أنه فِي دَار الْخلد ثمَّ شكَّ فِي خبر ربِّه لسمَّاه: كَافِرًا، وَلما سَمَّاهُ: عَاصِيًا؛ لَأنَّ مَن شكَّ فِي خبر الله فَهُوَ كَافِر، وَمَن فعل غير مَا أمرَهُ الله بِهِ وَهُوَ مُعْتَقدٌ للتَّصديق بِخَبَر ربِّه فَهُوَ عَاصٍ، وَإِنَّمَا سمَّى اللهُ آدمَ: عَاصِيًا، وَلم يُسمه: كَافِرًا.

قَالُوا: فَإِن كَانَ آدمُ أُسكن جنَّةَ الْخُلد، وَهِي دَار الْقُدس الَّتِي لَا يدخلهَا إلا طَاهِرٌ مُقدَّسٌ، فَكيف توصل إليها إِبْلِيسُ الرّجس النَّجس الملعون المذموم المدحور، حَتَّى فتن فِيهَا آدم؟! وإبليس فَاسق، قد فسق عَن أمْر ربه، وَلَيْسَت جنَّةُ الْخُلد دَار الْفَاسِقين، وَلَا يدخلهَا فَاسق الْبَتَّةَ، إِنَّمَا هِيَ دَار الْمُتَّقِينَ، وإبليس غير تَقِيٍّ، فَبعد أن قيل لَهُ: فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا [الأعراف:13]، أيفسَح لَهُ أن يرقى إلى جنَّة المأوى فَوق السَّمَاء السَّابِعَة بعد السّخط والإبعاد لَهُ بالعتو والاستكبار؟! هَذَا مضادٌّ لقَوْله تَعَالَى: فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا.

فَإِن كَانَت مُخاطبته آدم بِمَا خاطبه بِهِ وقاسمه عَلَيْهِ لَيْسَ تكبُّرًا، فَلَيْسَ تعقل الْعَرَبُ الَّتِي أُنْزِل الْقُرْآنُ بلسانها مَا التَّكبر؟ وَلَعَلَّ مَن ضعفت رويته وَقصر بَحثه أن يَقُول: إنَّ إبليس لم يصل إليها، وَلَكِن وسوسته وصلت. فَهَذَا قَولٌ يُشبه قَائِلَه ويُشاكل مُعتقده، وَقَول الله تَعَالَى حكم بَيْننَا وَبَينه، وَقَوله تَعَالَى: وَقَاسَمَهُمَا [الأعراف:21] يردّ مَا قَالَ؛ لَأنَّ الْمُقَاسَمَةَ لَيست وَسْوَسَةً، وَلكنَّهَا مُخَاطبَة ومُشافهة، وَلَا تكون إلا من اثْنَيْنِ شَاهِدين، غير غائبين وَلَا أحدهما.

س: ما حكم الاستنساخ؟

ج: هذا منكر، أنكره العلماءُ، وأنكره المسلمون، حتى أنكره الكفَّار، هذا باطل.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلسShare via Email
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه