الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
جمعة ٢٨ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 008- سورة الأنفال
  3. تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ..}

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ..}

Your browser does not support the audio element.

وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الأنفال:26].

يُنبّه تعالى عباده المؤمنين على نِعمه عليهم، وإحسانه إليهم، حيث كانوا قليلين فكثّرهم، ومُستضعفين خائفين فقوّاهم ونصرهم، وفُقراء عالةً فرزقهم من الطّيبات واستشكرهم، فأطاعوه وامتثلوا جميع ما أمرهم.

وهذا كان حال المؤمنين حال مقامهم بمكّة: قليلين، مُستخفين، مُضطهدين، يخافون أن يتخطّفهم الناس من سائر بلاد الله: من مشركٍ، ومجوسيّ، ورومي، كلّهم أعداء لهم؛ لقلّتهم وعدم قوّتهم، فلم يزل ذلك دأبهم حتى أذن اللهُ لهم في الهجرة إلى المدينة، فآواهم إليها، وقيّض لهم أهلها: آووا ونصروا يوم بدرٍ وغيره، وواسوا بأموالهم، وبذلوا مُهجهم في طاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ.

قال قتادة بن دعامة السّدوسي -رحمه الله- في قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ، قال: كان هذا الحيّ من العرب أذلّ الناس ذلًّا، وأشقاه عيشًا، وأجوعه بطونًا، وأعراه جلودًا، وأبينه ضلالًا، مَن عاش منهم عاش شقيًّا، ومَن مات منهم ردي في النار، يُؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلًا من حاضر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرّ منزلًا منهم، حتى جاء اللهُ بالإسلام، فمكّن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكًا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى اللهُ ما رأيتم، فاشكروا الله على نِعمه، فإنَّ ربَّكم مُنعمٌ يُحبّ الشكر، وأهل الشُّكر في مزيدٍ من الله.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلّم على رسول الله، هذه الآية العظيمة تُبين للمسلمين حالهم وضعفهم قبل الهجرة، وما كانوا عليه من الذّلة والخوف والعالة، وخشية تعدّي الكفَّار عليهم، فآواهم الله، وهاجروا للمدينة، ونصرهم الله -جلَّ وعلا-، وأغناهم بعد العيلة، وأعزّهم بعد الذّلة، وصاروا رؤوس الناس، وهذا كلّه من فضله وإحسانه، فيذكرهم -جلَّ وعلا- أن يشكروه ويُطيعوه، ويقول سبحانه: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ يعني: في مكّة، تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ كانوا مُستذلّين في مكّة، مُضطهدين، يُعذَّب الكثير منهم، يُعذّبهم كفَّارُ قريش عُبَّاد الأصنام، عباد الأوثان: كأبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبي لهب، وغيرهم من طُغاة الكفَّار يُعذِّبون الفُقراء.

وكان نبينا ﷺ مُضطهدًا فيهم، لولا أنَّ الله نصره بعمِّه أبي طالب، وكان يحوطه ويحميه وينصره، ومع هذا أُوذي هو وعمّه أبو طالب وبنو هاشم، وحُوصروا في الشِّعب ثلاث سنين، ثم لما مات أبو طالب أُوذي -عليه الصلاة والسلام- حتى استجار بالمطعم بن عدي فحماه، وبقية المستضعفين ليس لديهم مَن يحميهم؛ فيُؤذون ويُعذَّبون.

ثم أذن اللهُ لهم بالهجرة، فآواهم وأيّدهم بنصره، وسخّر لهم الأنصار: بذلوا أموالهم ونفوسهم في نصر دين الله، رضي الله عنهم وأرضاهم.

ثم فتح اللهُ عليهم الفتوح يوم بدرٍ وما بعدها، ثم فتح اللهُ عليهم مكّة، ثم صاروا رؤوس الناس، كلّ هذا من فضله وتأييده بأسباب طاعتهم له، وقيامهم بحقِّه، وشُكرهم لنِعمه، ونصرهم لدينه، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقال سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:40-41]، هذه أسباب النصر.

وقد يُمتحن المسلمون، ثم تكون لهم العاقبة، كما جرى يوم أحد: امتُحنوا، ثم كانت لهم العاقبة يوم الأحزاب وغيره.

فالمسلم يُمتحن ويُبتلى بالمرض، وبتسليط الأعداء، وبالفقر، وأشياء أخرى، لكن تكون له العاقبة الحميدة، كما قال سبحانه: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، وقال سبحانه: وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].

فالواجب على أهل الإسلام أن يصبروا، وأن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، وأن ينصروا دينَ الله، وأن يستجيبوا لله، وأن يستقيموا على الحقِّ، وأن يصبروا عند الأذى، وعند المحنة، فإنَّ العاقبة لهم في الدنيا والآخرة: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ۝ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ۝ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173]، ويقول -جلَّ وعلا-: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ [غافر:51].

فلا ينبغي للعاقل أن ييأس عند وجود بعض المصائب، لا، بل ينبغي أن يصبر ويحتسب، والمصائب تنجلي، سحابة صيفٍ تنجلي: أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31]، ويقول سبحانه: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ۝ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]، قد يُبتلون بالفقر، أو بتسليط الأعداء، أو بأمراضٍ، ثم تكون لهم العاقبة الحميدة.

فالواجب على كل مؤمنٍ أن ينتبه لهذا الأمر، وأن تكون عنده الحصانة القويّة، والثَّبات على الحقِّ، والصَّبر عليه، وإن جرى ما قد يُؤذيه من فقرٍ أو غيره، فلا بدّ أن تكون العاقبةُ له إذا صبر واحتسب: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ، نعم.

س: أحسن الله إليك، الاستجارة تكون من مسلمٍ بالكافر في حال الضَّعف؟

ج: إذا دعت الحاجةُ، مثلما استجار بعمِّه أبي طالب حتى نصره وحماه، ثم لما مات خرج النبيُّ إلى الطائف، وأراد الرجوع إلى مكّة، ولم يجد مَن ينصره، فأراد من كثيرٍ من رُؤسائهم أن يحموه فأبوا، فاتّصل بالمطعم بن عدي -أبو جبير بن مطعم-، وكان رئيسًا في قومه في الكفَّار، فأجاره ونصره وحماه حتى هاجر -عليه الصلاة والسلام.

س: في حال الضَّعف والقوة للمسلمين؟

ج: في حال الحاجة، نعم.

س: يكون حال المسلمين في آخر الزمان كحال الصحابة  في مكّة، كما قال ﷺ: بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا، فطُوبى للغُرباء؟

ج: يُبتلى المسلمون، مثل اليوم، وبعد اليوم، وقبل اليوم، لكن العاقبة لأهل التَّقوى، مَن صبر واحتسب فله العاقبة الحميدة، نعم.

س: والمطعم لم يُسلم؟

ج: لا، ما أسلم؛ ولهذا قال النبي يوم بدر: لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلّمني في هؤلاء الأسرى لوهبتهم له يعني: أسرى بدر، يعني: مكافأةً له على إجارته له -عليه الصلاة والسلام-، وقد أسلم ابنُه جُبير، نعم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ۝ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28].

قال عبدالله ابن أبي قتادة والزهري: أُنزلت في أبي لبابة ابن عبدالمنذر حين بعثه رسولُ الله ﷺ إلى بني قُريظة لينزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فاستشاروه في ذلك، فأشار عليهم بذلك، وأشار بيده إلى حلقه، أي: إنَّه الذَّبح، ثم فطن أبو لبابة ورأى أنَّه قد خان الله ورسوله، فحلف لا يذوق ذواقًا حتى يموت أو يتوب اللهُ عليه، وانطلق إلى مسجد المدينة فربط نفسَه في ساريةٍ منه، فمكث كذلك تسعة أيام حتى كان يخرّ مغشيًّا عليه من الجهد، حتى أنزل اللهُ توبتَه على رسوله، فجاء الناسُ يُبَشِّرونه بتوبة الله عليه، وأرادوا أن يحلّوه من السَّارية، فحلف لا يحلّه منها إلا رسول الله ﷺ بيده، فحلّه، فقال: يا رسول الله، إني كنتُ نذرتُ أن أنخلع من مالي صدقةً. فقال: يجزيك الثلث أن تصدّق به.

الشيخ: يعني: نذر من توبته أن ينخلع من ماله، مثلما قال لكعب بن مالك ، قال: يجزيك الثلث.

س: هل يُقال أنَّ من السُّنة أنَّ الإنسان إذا أذنب ذنبًا أن يتصدّق؟

ج: نعم، الصّدقة طيبة، وهذا من تمام التَّوبة، من العمل الصَّالح: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا [الفرقان:70]، نعم، وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [طه:82]، فالصّدقة من العمل الصَّالح، وكثرة الصَّلاة، وكثرة الاستغفار، وكثرة الذكر، إلى غير هذا، نعم.

وقال ابنُ جرير: حدَّثني الحارث: حدثنا عبدالعزيز: حدثنا يونس بن الحارث الطَّائفي: حدثنا محمد بن عبيدالله أبو عون الثَّقفي، عن المغيرة بن شُعبة قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ الآية.

الشيخ: والمعنى أنها تشمل، عامَّة، تشمل قتل عثمان وغيره، فيجب على المسلمين أداء الأمانة، والحذر من الخيانة في كلِّ شيءٍ، الآية عامَّة، تعمّ المسلمين، وتعمّ كل زمانٍ، نعم.

س: وجه الخيانة هنا في قتل عثمان؟

ج: لأنَّهم خانوا، والواجب عليهم السَّمع والطَّاعة، فالخروج على الإمام خيانة.

س: إطلاق قول: نزلت في قتل عثمان .....؟

ج: المقصود أنها تعمّه، سوء تعبيرٍ، نعم.

.............

الطالب: محمد بن عبيدالله بن سعيد، أبو عون، الثقفي، الكوفي، الأعور، ثقة، من الرابعة. (خ، م، د، ت، س).

الشيخ: صلح: أبو عون.

حدثنا محمد بن عبيدالله أبو عون الثَّقفي، عن المغيرة بن شُعبة قال: نزلت هذه الآية في قتل عثمان : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ الآية.

وقال ابنُ جرير أيضًا: حدثنا القاسم بن بشر بن معروف: حدثنا شبابة بن سوار: حدثنا محمد بن المحرم ..... قال: لقيت عطاء ابن أبي رباح، فحدّثني قال: حدَّثني جابر بن عبدالله: أنَّ أبا سفيان خرج من مكّة، فأتى جبريلُ رسول الله ﷺ فقال: إنَّ أبا سفيان بمكان كذا وكذا. فقال رسولُ الله ﷺ: إنَّ أبا سفيان في موضع كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا، فكتب رجلٌ من المنافقين إليه: إنَّ محمدًا يُريدكم، فخذوا حذركم. فأنزل الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ الآية. هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، وفي سنده وسياقه نظر.

وفي "الصحيحين" قصّة حاطب ابن أبي بلتعة: أنَّه كتب إلى قريش يُعلمهم بقصد رسول الله ﷺ إياهم عام الفتح، فأطلع اللهُ رسولَه على ذلك، فبعث في إثر الكتاب فاسترجعه، واستحضر حاطبًا، فأقرّ بما صنع. وفيها: فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؛ فإنَّه قد خان الله ورسوله والمؤمنين؟ فقال: دعه؛ فإنَّه قد شهد بدرًا، وما يُدريك: لعلَّ الله اطّلع على أهل بدرٍ فقال: اعملوا ما شئتُم فقد غفرتُ لكم.

قلتُ: والصَّحيح أنَّ الآية عامَّة، وإن صحَّ أنها وردت على سببٍ خاصٍّ، فالأخذ بعموم اللَّفظ، لا بخصوص السبب عند الجماهير من العُلماء.

الشيخ: وهذا هو الحقّ في هذا وأمثاله: العبرة بعموم اللَّفظ، لا بخصوص السَّبب، فالآية عامَّة، تعمّ جميع الخيانات، فالواجب على المؤمنين الحذر من الخيانة مطلقًا في زمانه ﷺ وبعده إلى يوم القيامة؛ لأنَّ الله أنزل القرآنَ هدًى للناس، وبشارة، ونذارة إلى يوم القيامة: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، فهو نذيرٌ للجميع، وهدًى للجميع، ونذير للجميع إلى يوم القيامة، نعم.

والخيانة تعمّ الذنوب الصِّغار والكبار، اللَّازمة والمتعدية.

وقال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباسٍ: وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ الأمانة: الأعمال التي ائتمن اللهُ عليها العباد، يعني: الفريضة. يقول: لا تخونوا، لا تنقضوها.

الشيخ: الأقرب: النَّقص، يعني: لا تخونوها بانتقاصها، أوفوها، كمِّلوها، وعلى كل حالٍ، نقضها: إبطالها، كونها بخيانةٍ، الأقرب لها انتقاصها، وعدم الوفاء بها، من: صلاةٍ، وزكاةٍ، وصومٍ، وجهادٍ، وغير ذلك.

وهكذا المنهيات يجب الحذر من قُربانها، وأن يخون الأمانة، فإنَّه مُؤتمن على فرضه وغيره، فالواجب على المؤمن الحذر من الخيانة بفعل المحذور، أو ترك الواجب.

وقال في روايةٍ: لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ يقول: بترك سُنته، وارتكاب معصيته.

وقال محمد بن إسحاق: حدَّثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير في هذه الآية، أي: لا تُظهروا له من الحقِّ ما يرضى به منكم، ثم تُخالفوه في السّر إلى غيره، فإنَّ ذلك هلاكٌ لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم.

الشيخ: وهذا عمل المنافقين: إظهار الإسلام، وإبطان الكفر، نسأل الله العافية.

وقال السّدي: إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم.

وقال أيضًا: كانوا يسمعون من النبي ﷺ الحديث، فيُفشونه حتى يبلغ المشركين.

وقال عبدالرحمن بن زيد: نهاكم أن تخونوا الله والرسول كما صنع المنافقون.

وقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ أي: اختبار وامتحان منه لكم، إذ أعطاكموها ليعلم أتشكرونه عليها وتُطيعونه فيها، أو تشتغلون بها عنه، وتعتاضون بها منه؟ كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التغابن:15].

الشيخ: وهذا هو الواجب على العبد، الأموال والأولاد فتنة، فالواجب الحذر، فلا يُشغل بأمواله عن طاعة الله، ولا بأولاده عن طاعة الله، ولا يحمله حبّ المال أو حبّ الولد على معصية الله، بل يجب أن يستعين بالمال على طاعة الله، وبالولد كذلك، وأن يُربي الولد على طاعة الله ورسوله، فالأموال فتنة، والولد فتنة: اختبار وامتحان، فالواجب أن تُستعمل هذه الأموال في طاعة الله، وأن يُستعان بها على طاعة الله، وهكذا الأولاد يجب أن يُوجّهوا إلى الخير، وألا يُطاعوا في معاصي الله، وألا تحمل والدهم محبّتهم على معصية الله ورسوله، بل يجب أن يُوجّههم إلى الخير، وأن يأمرهم بالخير، وأن ينهاهم عن الشَّر، وأن تكون محبّة الله وطاعته مُقدّمة عليهم. نعم.

س: حديث: الولد مبخلة مجبنة؟

ج: الظاهر أنَّه لا بأس به، ما يحضرني حال سنده، لكن الظاهر أنَّه لا بأسَ به، يعني: يُسبب البخل والجبن، فمن حُبِّ أبيه له قد يبخل، وقد يجبن عن القتال، يخاف أن يموت.

س: حكم الأب الذي لا يُوقِظ أولاده لصلاة الفجر؟

ج: هذا قد خان، هذه خيانة، يجب عليه أن يُوقِظهم، وأن يقوم عليهم، وأن يُؤدّبهم، هذا من أنواع الخيانة.

س: رجلٌ مات وهو على الذنوب والمعاصي والكبائر، لكن عنده ولد صالح، فهل تنفعه أعمال هذا الولد الصَّالح؟

ج: يُرجا له ذلك، إذا تصدّق له، ودعا له، يُرجا له أن ينفع الله به ما دام مسلمًا، مات على التوحيد.

س: ..............؟

ج: قد يقع هذا سابقًا ولاحقًا، يقول الربّ -جلَّ وعلا-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14]، قد يهلك بسبب ولده، بسبب زوجته، بسبب أخيه، بسبب أبيه، لكن يجب الحذر، وألا يُطاعوا في معاصي الله، نعم.

وقال: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المنافقون:9]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ الآية.

وقوله: وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ أي: ثوابه وعطاؤه وجنَّاته خيرٌ لكم من الأموال والأولاد، فإنَّه قد يوجد منهم عدو، وأكثرهم لا يُغني عنك شيئًا، والله سبحانه هو المتصرف المالك للدنيا والآخرة، ولديه الثواب الجزيل يوم القيامة.

وفي الأثر يقول الله تعالى: "يا ابن آدم، اطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدتَ كل شيءٍ، وإن فتك فاتك كل شيءٍ، وأنا أحبّ إليك من كل شيءٍ".

الشيخ: هذا أثرٌ إسرائيلي مما يحدّث، والنبي ﷺ قال: حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومعناه صحيحٌ، نعم.

وفي الصحيح عن رسول الله ﷺ أنَّه قال: ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان: مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، ومَن كان يُحبّ المرء لا يُحبّه إلا لله، ومَن كان أن يُلقى في النار أحبّ إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، بل حبّ رسول الله ﷺ مُقدّم على الأولاد والأموال والنفوس، كما ثبت في الصحيح: أنَّه ﷺ قال: والذي نفسي بيده، لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه، وأهله، وماله، والناس أجمعين.

الشيخ: وهذا أمرٌ معلومٌ: لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين، ولما قال له عمر: لأنت أحبّ إليَّ من كل شيءٍ إلا من نفسي. قال: لا يا عمر، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك، فقال عمر : أنت أحبّ إليَّ من كل شيءٍ، حتى من نفسي. فقال: الآن يا عمر.

المقصود أنَّ الواجب حبُّ الله ورسوله حبًّا مُقدَّمًا على النفس، والمال، والأهل، والولد، فليُؤثر ما أوجب الله عليه على هوى نفسه، وهوى أولاده وزوجته، والناس أجمعين، وهكذا يترك معاصي الله؛ إيثارًا لمرضاته سبحانه على مرضات غيره، ولا بدَّ أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، هذا هو كمال الإيمان وتمامه، والله المستعان.

...............

س: تقديم محبّة الرسول ﷺ على النفس والناس، هل هي شرطٌ من كمال الواجب؟

ج: من كمال الإيمان: حتى أكون أحبّ، يعني: الإيمان الواجب الكامل.

...............

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه