الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
سبت ٢٩ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 004- سورة النساء
  3. تفسير قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ..}

تفسير قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ..}

Your browser does not support the audio element.

وقوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:129] أي: لن تستطيعوا أيّها الناس أن تُساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنَّه وإن وقع القسمُ الصّوري ليلةً وليلةً، فلا بدَّ من التَّفاوت في المحبّة والشّهوة والجماع، كما قاله ابن عباس، وعبيدة السّلماني، ومجاهد، والحسن البصري، والضحاك بن مزاحم.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدّثنا أبو زرعة: حدثنا ابن أبي شيبة: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن ابن أبي مُليكة قال: نزلت هذه الآية: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ في عائشة، يعني: أن النبي ﷺ كان يُحبها أكثر من غيرها، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السّنن، من حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبدالله بن يزيد، عن عائشة قالت: كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني: القلب. هذا لفظ أبي داود، وهذا إسنادٌ صحيحٌ، لكن قال الترمذي: رواه حماد بن زيد وغير واحدٍ عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا، قال: وهذا أصحّ.

الشيخ: وهذا مثلما بيّن المؤلف أنَّ المقصود ما يتعلّق بالقلوب، والواجب العدل المستطاع، وأمَّا ما لا يُستطاع فالله -جلَّ وعلا- يعفو عنه، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]؛ ولهذا قال سبحانه: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ؛ لأنَّ القلوب يختلف ما فيها، وينبعث عن ذلك أشياء أخرى من ..... وغيرها، فالمحبّة والميل إذا ..... لبعضٍ دون بعضٍ أمر واقع، لكن المؤمن يجتهد في القسم المستطاع مثل: الزمان، والنَّفقة، ونحو ذلك، وما لا يستطيع يعفو الله عنه: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ [البقرة:286]، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، هذا فضله وإحسانه -جلَّ وعلا-.

ومن ذلك قصّة عائشة: كان يُحبّها كثيرًا -عليه الصلاة والسلام-، ولما سأله عمرو بن العاص : مَن أحبّ الناس إليك؟ قال: عائشة، قال: من الرجال؟ قال: أبوها.

فالمقصود أنَّ أمور القلب لا يكلف بها العبد؛ ولهذا في الحديث الصَّحيح: إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت بها أنفسها ما لم تعمل أو تكلم، نعم، ومنها حديث عائشة، هذا كان يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك، نعم.

س: مرسل؟

ج: لا، لا، متصل إذا وصل، قاعدة: إذا جاء الحديثُ متصلًا ومرسلًا، والذي وصل ثقة؛ يُقدّم الواصل.

س: كثرة الجلوس عند إحدى الزوجتين لمحبّتها، هل هذا يلزم العدل فيه؟

ج: الظاهر أنَّ الجلوس عندها على حسب الحاجة والمصلحة، أعطى هذه يومها وليلتها، وهذه يومها وليلتها، زوّد الجلوس ونقّصه، إذا كان شيئًا ما هو متعمّدًا، ولا يضرّ الأخرى، أمره واسع؛ لأنَّ هذا ضبطه صعب، ضبطه فيه صعوبة ومشقّة، لكن يُلاحظ العدل حسب طاقته، الشيء الذي يجبر النفوس، ولا يحصل به الضَّرر والنِّزاع والخصومة.

س: تعدد الزوجات للفُقراء؟

ج: إذا كان يستطيع ذلك لا بأس، إذا كان يستطيع أن يقوم بحقّهنَّ ونفقاتهنَّ، أو سمحن؛ فلا بأس.

س: طواف النبي  على أزواجه كلّهن في ساعةٍ معينةٍ؟

ج: لا بأس، هذا العدل، إن رآه الزوج في بعض الأحيان لا بأس، هو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-.

س: الساعة هذه كانت مُشتركةً أو لإحدى الزوجات؟

ج: إذا أخذها من إحدى الزوجات وصارت مُشتركةً ما في بأس، ما في جور، إذا ساوى بينهنَّ فيها صارت عدلًا.

س: أليس هذا من خصائص النبي ﷺ طوافه عليهنَّ في وقتٍ واحدٍ؟

ج: ما عليه دليل، الأصل عدم الخصوصية، نعم.

س: طوافه في وقتٍ واحدٍ؟

ج: إذا أمكن، إذا قدر أن يجعل ساعةً مشتركةً لا بأس، كان يطوف عليهنَّ كل يومٍ العصر -عليه الصلاة والسلام-، إذا جاء العصرُ طاف عليهنَّ، وجلس عند كل واحدةٍ قليلًا حتى يأتي التي هو يومها، نعم، هذا حسب التيسير، حسب المستطاع، نعم.

وقوله: فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ أي: فإذا ملتم إلى واحدةٍ منهن فلا تُبالغوا في الميل بالكُلية فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129] أي: فتبقى هذه الأخرى مُعلّقة.

قال ابنُ عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن والضّحاك والربيع بن أنس والسّدي ومقاتل بن حيان: معناها: لا ذات زوجٍ ولا مُطلّقة.

وقال أبو داود الطيالسي: أنبأنا همام، عن قتادة، عن النَّضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: مَن كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وأحد شقّيه ساقط.

وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السّنن من حديث همام بن يحيى، عن قتادة، به.

وقال الترمذي: إنما أسنده همام.

ورواه هشام الدّستوائي عن قتادة، قال: كان يُقال: ولا يُعرف هذا الحديث مرفوعًا إلا من حديث همام.

الشيخ: وهو ثقة، وفيه الحذر من تعمّد الميل، أما الشيء الذي يقع من غير قصدٍ فالله يعفو عنه؛ ولهذا قال: فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ، لا يتعمّد الإنسان الميل الذي يضرّ ويُسبب المشاكل، أما الشيء اليسير الذي قد يقع للإنسان من غير قصدٍ فالله يعفو عنه؛ لأنَّه غير مُستطاعٍ.

وقوله: وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:129] أي: وإن أصلحتم في أموركم، وقسمتم بالعدل فيما تملكون، واتَّقيتم الله في جميع الأحوال؛ غفر الله لكم ما كان من ميلٍ إلى بعض النِّساء دون بعضٍ.

ثم قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا [النساء:130]، وهذه هي الحالة الثالثة، وهي حالة الفراق، وقد أخبر الله تعالى أنهما إذا تفرّقا فإنَّ الله يُغنيه عنها، ويُغنيها عنه بأن يُعوّضه الله مَن هو خيرٌ له منها، ويُعوّضها عنه بمَن هو خيرٌ لها منه.

وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا أي: واسع الفضل، عظيم المنّ، حكيمًا في جميع أفعاله وأقداره وشرعه.

الشيخ: ..... ينبغي لمن حصل له هذا أن يثق بالله، ويسأله التوفيق وحُسن العاقبة من الرجل والمرأة: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ، ويسأل الله أن يُعوّضه خيرًا، وهي تسأل الله كذلك، وكل واحدٍ يُحْسِن الظنَّ بربه، ولا ييأس، هذا هو طريق النَّجاح، نعم.

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ۝ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ۝ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ۝ مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:131-134].

يُخبر تعالى أنَّه مالك السماوات والأرض، وأنه الحاكم فيهما؛ ولهذا قال: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أي: وصيناكم بما وصيناهم به من تقوى الله  بعبادته وحده لا شريك له.

ثم قال: وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الآية، كما قال تعالى إخبارًا عن موسى أنَّه قال لقومه: إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [إبراهيم:8]، وقال: فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التغابن:6] أي: غني عن عباده، (حميد) أي: محمود في جميع ما يقدره ويشرعه.

الشيخ: وقال سبحانه: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:7]، فالواجب على الجميع تقوى الله، فهي وصية الله للجميع: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ [النساء:1]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، فوصيته لهم جميعًا أن يعبدوه ويتَّقوه في السّراء والضّراء، في الشّدة والرّخاء، وهي طريق النَّجاة، وطريق الفرج، كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

فالواجب على الجميع تقوى الله، وهي أداء فرائضه، وترك محارمه، والوقوف عند حدوده عن إخلاصٍ وصدقٍ ورغبةٍ فيما عند الله، هذه تقواه ، فهي سبب كل خيرٍ، وهي أيضًا سبب السّلامة من كل شرٍّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120].

فالله -جلَّ وعلا- علّق الخير كلّه في التقوى: خير الدنيا والآخرة، فعلى المؤمن أن يصدق في ذلك، وعلى المؤمنة كذلك في تقوى الله، وبذلك يحصل تفريج الكروب، وتيسير الأمور، وحصول المطالب العالية، والسلامة من كل شرٍّ في الدنيا والآخرة.

والإنسان قد يُمتحن، ثم تكون له العاقبة، كما جرى على الرسل، فالعبد يتَّقي ربَّه، ويجتهد، والله -جلَّ وعلا- يجعل له العاقبة الحميدة، وإن جرت عليه أشياء، وإن أصابه مرضٌ، وإن أصابته شدّة، وإن أصابته جراح، وإن أصابه غير ذلك، لكن العاقبة حميدة: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132]، فالعاقبة العظيمة الصَّالحة الحسنة للمُتقين في الدنيا والآخرة، وإن جرى عليهم ما جرى، نعم.

قوله: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا أي: هو القائم على كل نفسٍ بما كسبت، الرَّقيب، الشَّهيد على كل شيءٍ.

وقوله: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا أي: هو قادرٌ على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتُموه، وكما قال: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38].

وقال بعضُ السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره.

الشيخ: هذه ما التَّعجبية ..... من التعجب.

س: ما ورد في الأثر عن عليٍّ أنَّه قال في معنى التَّقوى: "الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل"؟ هل هذا الأثر صحيحٌ؟

ج: ما أعلم به، قال فيه طلق بن حبيب: "تقوى الله: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله، تخشى عقاب الله»، ولكن الجامع لهذا أنَّ التقوى: أداء فرائض الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله عن إيمانٍ وصدقٍ وإخلاصٍ ورغبةٍ فيما عند الله، لا عن .....، ولا عن تقلد، ولا عن رياء، ولكن عن إخلاصٍ وصدقٍ ورغبةٍ فيما عند الله .

وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ۝ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم:19-20] أي: وما هو عليه بممتنعٍ.

وقوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [النساء:134] أي: يا مَن ليس همُّه إلا الدنيا، اعلم أنَّ عند الله ثواب الدنيا والآخرة، وإذا سألته من هذه أغناك وأعطاك وأقناك، كما قال تعالى: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۝ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ۝ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا [البقرة:200-202].

الشيخ: والمعنى: أنَّ الله -جلَّ وعلا- عنده خيري الدنيا والآخرة، فلتكن الهمّة عالية، لا تكن همّتك قاصرةً في الدنيا، اعلم أنَّ الله عنده ثواب الدنيا والآخرة، فلتكن الهمّة عاليةً، واستقم على أمر الله، وجاهد في سبيل الله حتى يحصل لك ثواب الدنيا والآخرة جميعًا، ولا يغلبك هواك وشهوتك العاجلة وطاعة الشيطان، حتى لا يكون همّك إلا العاجلة وثواب العاجلة، كما هو حال الأكثرين، حال الأكثرين ليس همّهم إلا العاجلة، والله عنده ثواب الدنيا والآخرة.

فالحزم والرغبة الصَّادقة والكيس أن تكون طالبًا لهذا وهذا: لأمر الدنيا والآخرة، تطلب الآخرة، ولا تنس حظَّك من الدنيا، فعند الله الأمران، عنده هذا وهذا، فعليك بالكيس، اطلب الرزق الطيب الحلال في الدنيا، واطلب أيضًا السَّعادة والنَّجاة في الآخرة، واعمل لهذا وهذا، لا تضعف، ولا تكسل، ولا ترضَ بالحظِّ العاجل والدنيا العاجلة، لا، تكون همّتك عاليةً، وإيمانك قويًّا، حتى تطلب هذا وهذا؛ تطلب الدنيا والآخرة، وتعمل لهذا وهذا، تعمل للآخرة، ولا تنسَ نصيبك من الدنيا، كما قال قوم قارون: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ولَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص:77]، نعم.

س: يستقيم الكلام: إذا سألته أغناك وأقناك؟

ج: إذا سأله خالصًا: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].

س: لكن: وأقناك؟

ج: يعني: الذي أعطاك القنية، المال الذي تقتنيه.

س: الكيس: الحازم؟

ج: نعم.

وفي حديثٍ في سنده بعض الضَّعف: الكيس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت يعني: حاسب نفسه وجاهدها لله في هذه الدار وعمل للآخرة، فهو كيس؛ عمل لهذا ولهذا، نعم.

س: والعاجز؟

ج: مَن أتبع نفسَه هواها، وتمنّى على الله الأماني، نسأل الله العافية.

س: معنى الحديث صحيح؟

ج: نعم، بعض أهل العلم أثبته، لكن في سنده ضعف، نعم.

وقال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ [الشورى:20]، وقال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ إلى قوله: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ الآية [الإسراء:18-21].

وقد زعم ابنُ جرير: أنَّ المعنى في هذه الآية: مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا أي: من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك، فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا [النساء:134]، وهو ما حصل من المغانم وغيرها مع المسلمين.

وقوله: وَالْآخِرَةِ [النساء:134] أي: وعند الله ثواب الآخرة، وهو ما ادَّخره لهم من العقوبة في نار جهنم، وجعلها كقوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا إلى قوله: وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16]، ولا شكَّ أنَّ هذه الآية معناها ظاهر.

وأمَّا تفسير الآية الأولى بهذا ففيه نظر؛ فإنَّ قوله: فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ظاهر في حصول الخير في الدنيا والآخرة، أي: بيده هذا وهذا، فلا يقتصرنَّ قاصرُ الهمّة على السَّعي للدنيا فقط، بل لتكن همّته ساميةً إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة، فإنَّ مرجع ذلك كلّه إلى الذي بيده الضّر والنَّفع، وهو الله الذي لا إله إلا هو، الذي قد قسم السعادة والشَّقاوة بين الناس في الدنيا والآخرة، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ممن يستحقّ هذا، وممن يستحقّ هذا؛ ولهذا قال: وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:134].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء:135].

الشيخ: بركة.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه