الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
خميس ٢٠ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. أجزاء من كتاب البداية والنهاية (ابن كثير)
  3. 02 من غزوة مؤتة: استقبال الرسول للعائدين من غزوة مؤتة

02 من غزوة مؤتة: استقبال الرسول للعائدين من غزوة مؤتة

Your browser does not support the audio element.

قال ابن إسحاق: فحدَّثني مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ، قَالَ: وَلَقِيَهُمُ الصِّبْيَانُ يَشْتَدُّونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُقْبِلٌ مَعَ الْقَوْمِ عَلَى دَابَّةٍ، فَقَالَ: خذوا الصبيان فاحملوهم، وأعطوني ابن جعفر، فأُتي بعبدالله بن جعفر فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: وَجَعَلَ النَّاسُ يَحْثُونَ عَلَى الْجَيْشِ التُّرَابَ، وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ! قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهَذَا مُرْسَلٌ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حدَّثَنَا عاصم، عن مُورق الْعِجْلِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا قدم من سفرٍ تلقَّى الصبيان مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، قَالَ: فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، ثم قال: جيء بأحد بني فَاطِمَةَ -إِمَّا حَسَنٌ وَإِمَّا حُسَيْنٌ- فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ، فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةً عَلَى دَابَّةٍ.

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حديث عاصم الأحول، عن مورق، بِهِ.

الشيخ:

وهذا يدل على تواضعه ﷺ وحُسن خلقه، ورأفته بالصبيان، ورحمته ولطفه بهم عليه الصلاة والسلام، هكذا ينبغي لأهل الفضل والعلم أن يكونوا متواضعين، كان يتلقَّى الصبيان إذا قدم من السفر، فسُبق إليه بعبدالله بن جعفر، فجعله بين يديه على دابته، ثم جيء بأحد ابني فاطمة: الحسن أو الحسين، فجعله خلفه، صاروا ثلاثةً على الدابة، فدلَّ على حُسن خلقه ﷺ وتواضعه، وأنه ينبغي للمؤمن هذا الخلق مع الأطفال ومع الأقارب، وأنه لا بأس بالإرداف على الدابة، ولا بأس أن يركبها ثلاثة إذا كانت تطيق ذلك، وأنَّ هذا من باب التَّواضع، ومن باب حُسن الخلق والرأفة بالصبيان والرحمة لهم، هكذا كان خلقه عليه الصلاة والسلام، كان أحسن الناس خلقًا عليه الصلاة والسلام.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدثَنَا رَوْحٌ: حدَّثنا ابن جريج: حدثنا خَالِد بْن سَارةَ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَنِي وقثمًا وعبيدالله بن الْعَبَّاسِ وَنَحْنُ صِبْيَانٌ نَلْعَبُ، إِذْ مرَّ النَّبيُّ ﷺ عَلَى دَابَّةٍ فَقَالَ: ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ، فَحَمَلَنِي أَمَامَهُ، وَقَالَ لِقُثَمَ: ارْفَعُوا هَذَا إِلَيَّ، فَجَعَلَهُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ عُبَيْدُاللَّهِ أَحَبَّ إِلَى عَبَّاسٍ مِنْ قُثَمَ، فَمَا استحى من عمِّه أن حمل قثمًا وتركه، قال: ثم مسح على رأسه ثَلَاثًا، وَقَالَ كُلَّمَا مَسَحَ: اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي وَلَدِهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِاللَّهِ: مَا فَعَلَ قُثَمُ؟ قَالَ: اسْتُشْهِدَ، قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ بِالْخَبَرِ، قَالَ: أَجَلْ.

الشيخ: في نسخةٍ: أعلم بالخير.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ" مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.

وَهَذَا كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَإِنَّ الْعَبَّاسَ إِنَّمَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ.

فَأَمَّا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدثَنَا إِسْمَاعِيلُ: حدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.

وَبِهَذَا اللَّفْظِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَهَذَا يُعَدُّ مِنَ الْأَجْوِبَةِ الْمُسْكِتَةِ.

وَيُرْوَى أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَجَابَ بِهِ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قِصَّةٌ أُخْرَى كَانَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ، وَاللَّهُ أعلم.

فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ

أَمَّا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عامر بن النُّعمان بن عامر بن عبد ودّ بْنِ عَوْفِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّاتِ بْنِ رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ الْكَلْبِيُّ الْقُضَاعِيُّ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

وَذَلِكَ أنَّ أُمَّهُ ذَهَبَتْ تزور أهلها، فأغارت عليهم خيلٌ فَأَخَذُوهُ، فَاشْتَرَاهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ لِعَمَّتِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَقِيلَ: اشْتَرَاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَهَا، فَوَهَبَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَوَجَدَهُ أَبُوهُ، فَاخْتَارَ الْمُقَامَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَوَالِي، وَنَزَلَ فِيهِ آيَات مِنَ الْقُرْآنِ: مِنْهَا قَوْلُهُ تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [الأحزاب:4]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [الأحزاب:40]، وَقَوْلُهُ: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا الْآيَةَ [الأحزاب:37].

أَجْمَعُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِيهِ، وَمَعْنَى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَيْ: بِالْإِسْلَامِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَيْ: بِالْعِتْقِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي التَّفْسِيرِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُسَمِّ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَهُ، وَهَدَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَزَوَّجَهُ مَوْلَاتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ، وَاسْمُهَا: بَرَكَةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْحِبُّ بْنُ الْحِبِّ، ثُمَّ زَوَّجَهُ بِابْنَةِ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَآخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْإِمْرَةِ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ -وَهَذَا لَفْظُهُ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ: سَمِعْتُ الْبَهِيَّ يُحَدِّثُ أنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: مَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فِي سَرِيَّةٍ إِلَّا أمَّره عليهم، ولو بقي بعد لاستخلفه. ورواه النَّسائي عن أحمد بن سلمان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ بِهِ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدَّثنا سليمان: حدَّثنا إسماعيل: أَخْبَرَنا ابْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بعث بَعْثًا وأمَّر عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاس فِي إِمْرَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ.

وَأَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عن قتيبة، عن إسماعيل -هُوَ ابْنُ جَعْفَرِ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْمَدَنِيّ- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.

وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ اسْتَغْرَبَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حدَّثَنَا عمر بن إسماعيل، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا أُصِيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ جيء بأسامة بن زيد وأُوقف بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأُخِّرَ، ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أُلَاقِي مِنْكَ الْيَوْمَ مَا لَقِيتُ مِنْكَ أَمْس. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ غَرَابَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: مجالد ضعيف، السند ضعيف.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أنَّه لما ذكر مُصابهم وهو عليه السلام فَوْقَ الْمِنْبَرِ جَعَلَ يَقُولُ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ففتح الله عليه، قَالَ: وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ، وَقَالَ: وَمَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا.

الشيخ: يعني المصيبة عظيمة، كونه يبكي على الثلاثة لا شكَّ أنها مصيبة عظيمة، قتل الثلاثة: زيد وجعفر وعبدالله لا شكَّ، وفيه الدلالة على أنه لا بأس بالبكاء بدمع العين، إنما المنكر هو النياحة، أما كونه تدمع عيناه على قريبه ونحوه فهذا لا بأس به؛ ولهذا قال ﷺ لما مات ابنه إبراهيم: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي الربّ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون، فكون الإنسان تدمع عينه ويحزن قلبه عند موت قريبه أو صديقه وحبيبه في الله لا حرج في هذا.

وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: أَنَّهُ شَهِدَ لَهُمْ بِالشَّهَادَةِ، فَهُمْ مِمَّنْ يُقْطَعُ لَهُ بِالْجَنَّةِ.

وَقَدْ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْثِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَابْنَ رَوَاحَةَ:

عَيْنُ جُودِي بِدَمْعِكِ الْمَنْزُورِ وَاذْكُرِي فِي الرَّخَاءِ أَهْلَ الْقُبُورِ
وَاذْكُرِي مُؤْتَةَ وَمَا كَانَ فِيهَا يَوْمَ رَاحُوا فِي وَقْعَةِ التَّغْوِيرِ
حِينَ رَاحُوا وَغَادَرُوا ثَمَّ زَيْدًا نِعْمَ مَأْوَى الضَّرِيكِ وَالْمَأْسُورِ
حِبَّ خَيْرِ الْأَنَامِ طُرًّا جَمِيعًا سَيِّدِ النَّاسِ حُبُّهُ فِي الصُّدُورِ
ذَاكُمُ أَحْمَدُ الَّذِي لَا سِوَاهُ ذَاكَ حُزْنِي لَهُ مَعًا وَسُرُورِي
إنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ مِنَّا بِأَمْرٍ لَيْسَ أَمْرَ الْمُكَذَّبِ الْمَغْرُورِ
ثُمَّ جُودِي لِلْخَزْرَجِيِّ بِدَمْعٍ سَيِّدًا كَانَ ثَمَّ غَيْرَ نَزُورِ
قَدْ أَتَانَا مِنْ قَتْلِهِمْ مَا كَفَانَا فَبِحُزْنٍ نَبِيتُ غَيْرَ سُرُورِ

وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ عقيل.

الشيخ: عقيل بن أبي طالب أخوه يعني.

وكان عُقيل.

الشيخ: عُقيل! عَقيل -بفتح العين.

الطالب: كلها مضمومة، بالضمِّ؟

الشيخ: لا، غلط، هذاك عقيل غير هذا الراوي عن الزهري: عُقيل بن خالد، أما هذا عَقيل بن أبي طالب بالفتح، أما عُقيل بن خالد فشخص آخر.

وَكَانَ عَقِيلٌ أَسَنَّ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ طَالِبٌ أَسَنَّ مِنْ عَقِيلٍ بِعَشْرِ سِنِينَ.

الشيخ: يعني: بينهم عشر، عشر، طالب أكبرهم، ثم يليه عقيل، ثم يلي عقيل جعفر، ثم يلي جعفر علي، عليّ أصغرهم، وبين كل واحدٍ والآخر عشر سنين، وطالب مات على الكفر، مات على دين قومه، أما عقيل وجعفر وعلي فأسلموا .

أَسْلَمَ جَعْفَرٌ قَدِيمًا، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ، وكانت له هناك مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَمَقَامَاتٌ مَحْمُودَةٌ، وَأَجْوِبَةٌ سَدِيدَةٌ، وَأَحْوَالٌ رَشِيدَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَقَدْ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: ما أدري أنا بأيِّهما أُسَرُّ: أَبِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ؟ وَقَامَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ لَهُ يَوْمَ خَرَجُوا مِنْ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُ حَجَلَ عِنْدَ ذَلِكَ فَرَحًا كما تقدم فِي مَوْضِعِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَلَمَّا بَعَثَهُ إلى مُؤتة جعل في الإمرة مُصليًا -أي نائبًا- لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَلَمَّا قُتِلَ وَجَدُوا فِيهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مَا بَيْنَ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُقبل غير مُدبر، وكانت قد طعنت يده اليُمنى ثم اليُسرى وهو مُمسك للواء، فَلَمَّا فَقَدَهُمَا احْتَضَنَهُ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ كَذَلِكَ.

فَيُقَالُ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الرُّومِ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَقَطَعَهُ بِاثْنَتَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَعْفَرٍ، وَلَعَنَ قَاتِلَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ، فَهُوَ مِمَّنْ يُقطع له بالجنَّة.

وجاء بالأحاديث تَسْمِيَتُهُ بِذِي الْجَنَاحَيْنِ.

وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِهِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَفْسِهِ، وَالصَّحِيحُ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالُوا: لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَوَّضَهُ عَنْ يَدَيْهِ بِجَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ.

قَال الْحَافِظُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: حدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ ﷺ: رَأَيْتُ جَعْفَرًا يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ  قُتِلَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وثلاثين سَنَةً.

وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي "الْغَابَةِ": كَانَ عمره يوم قُتل إحدى وأربعين، قَالَ: وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَعَلَى مَا قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ أَسَنَّ مِنْ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ يَقْتَضِي أَنَّ عُمْرَهُ يَوْمَ قُتِلَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً؛ لِأَنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَاجَرَ وَعُمْرُهُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَيَوْم مُؤْتَةَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ كَانَ يُقَالُ لِجَعْفَرٍ بَعْدَ قَتْلِهِ: الطَّيَّارُ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَكَانَ كَرِيمًا جوادًا ممدوحًا، وكان لكرمه يُقال له: أبا المساكين؛ لإحسانه إليهم.

قال الإمام أحمد: وحدثنا عفان بن وُهَيْب: حدثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلَا انْتَعَلَ، وَلَا رَكِبَ الْمَطَايَا، وَلَا لَبِسَ الثِّيَابَ مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَفْضَلَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يُفَضِّلُهُ فِي الْكَرَمِ، فَأَمَّا فِي الْفَضِيلَةِ الدِّينِيَّةِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّدِّيقَ وَالْفَارُوقَ بَلْ وَعُثْمَانَ بن عفان أفضل منه، وَأَمَّا أَخُوهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مُتَكَافِئَانِ، أَوْ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنْهُ.

وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ تَفْضِيلَهُ فِي الْكَرَمِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: حدثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِاللَّهِ الْجُهَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بشبع بطني خبز، لَا آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ من الجوع، وإن كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ، حتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شيء فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْثِي جَعْفَرًا:

وَلَقَدْ بَكَيْتُ وَعَزَّ مَهْلِكُ جَعْفَرٍ حِبِّ النَّبِيِّ عَلَى الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا
وَلَقَدْ جَزِعْتُ وَقُلْتُ حِينَ نُعِيتَ لِي مَنْ لِلْجِلَادِ لَدَى الْعُقَابِ وَظِلِّهَا
بِالْبِيضِ حِينَ تُسَلُّ مِنْ أَغْمَادِهَا ضَرْبًا وَإِنْهَالِ الرِّمَاحِ وَعَلِّهَا
بَعْدَ ابْنِ فَاطِمَةَ الْمُبَارَكِ جَعْفَرٍ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا وَأَجَلِّهَا
رُزْءًا وَأَكْرَمِهَا جَمِيعًا مَحْتِدًا وَأَعَزِّهَا مُتَظَلِّمًا وَأَذَلِّهَا
لِلْحَقِّ حِينَ يَنُوبُ غَيْرَ تَنَحُّلٍ كَذِبًا وَأَنْدَاهَا يَدًا وَأَقَلِّهَا
فُحْشًا وَأَكْثَرِهَا إذا ما يُجتدى فضلًا وأنداها يدًا وأبلّها
بالعرف غير محمدٍ لا مثله حَيٌّ مِنَ احْيَاءِ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا

وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ: فَهُوَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الْأَكْبَرِ ابْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَغَرِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ جعفر بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو رَوَاحَةَ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو، الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أُخْتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ.

أَسْلَمَ قَدِيمًا، وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ لَيْلَتَئِذٍ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَشَهِدَ بَدْرًا وأُحدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْحُدَيْبِيَةَ وَخَيْبَرَ -وَكَانَ يَبْعَثُهُ عَلَى خَرْصِهَا كَمَا قَدَّمْنَا- وَشَهِدَ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ، وَدَخَلَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ مُمْسِكٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقِيلَ: بِغَرْزِهَا -يَعْنِي الرِّكَابَ- وَهُوَ يَقُولُ: خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ. الْأَبْيَات كَمَا تَقَدَّمَ.

وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ شجع المسلمين للقاء الرُّومِ حِينَ اشْتَوَرُوا فِي ذَلِكَ، وَشَجَّعَ نَفْسَهُ أَيْضًا حَتَّى نَزَلَ بَعْدَمَا قُتِلَ صَاحِبَاهُ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالشَّهَادَةِ، فَهُوَ مِمَّنْ يُقْطَعُ لَهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ.

وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمَّا أَنْشَدَ النَّبِيَّ ﷺ شِعْرَهُ حِينَ وَدَّعَهُ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ:

فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حسنٍ تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا

قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَأَنْتَ فَثَبَّتَكَ اللَّهُ، قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: فَثَبَّتَهُ اللَّهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا وَدَخَلَ الْجَنَّةَ.

وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عَبْدَالله بن رَوَاحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: اجْلِسُوا، فَجَلَسَ مكانه خارجًا من المسجد حتى فرغ الناسُ مِنْ خُطْبَتِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيَّ ﷺ فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا عَلَى طَوَاعِيَةِ اللَّهِ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحيحِهِ": وَقَالَ مُعَاذٌ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً.

وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِنَحْوِ ذَلِكَ.

فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، عَنْ عِمَارَةَ، عن زياد النَّحوي، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ بِرَبِّنَا سَاعَةً، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ، فَغَضِبَ الرَّجُلُ، فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرَى ابْنَ رَوَاحَةَ؟ يَرْغَبُ عَنْ إِيمَانِكَ إِلَى إِيمَانِ سَاعَةٍ! فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: رحم اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ؛ إِنَّهُ يُحِبُّ الْمَجَالِسَ الَّتِي تَتَبَاهَى بِهَا الْمَلَائِكَةُ، وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.

الشيخ: ومعنى "لنؤمن ساعة" معناه: لنزداد إيمانًا، يعني: اجلس نتذاكر في ديننا، ونذكر ربنا، كلما جلس المؤمنُ مع أخيه للمُذاكرة والتَّعاون والتَّواصي صار هذا من زيادة الإيمان، وهذا مثلما جاء عن معاذٍ أيضًا: "نؤمن ساعة" يعني: نزداد إيمانًا، ما هو معناه: إيمان جديد، أنهم كفار قبل، لا، المقصود نؤمن يعني: نزدد إيمانًا.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حدَّثَنَا الْحَاكِمُ: حدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ: حدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَالَ لِصَاحِبٍ له: تعالَ حتى نُؤمن ساعةً، قال: أولسنا بِمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّا نَذْكُرُ اللَّهَ فَنَزْدَادُ إِيمَانًا.

الشيخ: هذا تفسيرها، هذا الأثر تفسير ما تقدَّم.

وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ كَانَ يَأْخُذُ بِيَدِ الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ: قُمْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً، فَنَجْلِسُ فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ.

وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ .

وَقَدْ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الصَّحَابَةِ المشهورين، ومما نقله البخاري من شعره فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ:

وفينا رسول الله نتلوا كِتَابَهُ إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
أَتَى بِالْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَا جَبَلَاهُ، وَا كَذَا، وَا كَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: أنتَ كذلك؟

حدَّثنا قتيبة: حدَّثنا خيثمة، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، بِهَذَا. فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا رَثَاهُ بِهِ حَسَّانُ بْنُ ثابتٍ مع غيره.

وقال شاعرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ رَجَعَ مِنْ مُؤْتَةَ مَعَ مَنْ رَجَعَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

كَفَى حَزَنًا أَنِّي رَجَعْتُ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدٌ وَعَبْدُاللَّهِ فِي رَمْسِ أقبُر
قَضَوْا نَحْبَهُمْ لَمَّا مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ وخلفت للبلوى مع المُتغير

وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَقِيَّةُ مَا رُثي به هؤلاء الأمراء الثلاث مِنْ شِعْرِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَكَعْبِ بْنِ مالكٍ رضي الله عنهما وأرضاهما.

 

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلسShare via Email
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه