الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
خميس ٢٧ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 004- سورة النساء
  3. تفسير قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ..}

تفسير قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ..}

Your browser does not support the audio element.

ذِكْرُ سَبَبٍ آخَرَ غَرِيبٍ جِدًّا: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى قِرَاءَةً: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: وأخبرني عَبْدُاللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فقضى بينهما، فقال المقضيُّ عَلَيْهِ: رُدَّنَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ، انْطَلِقَا إِلَيْهِ، فلمَّا أتيا إليه، فقال الرَّجُلُ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، قَضَى لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى هَذَا، فقال: رُدَّنا إلى عمر بن الخطَّاب، فردَّنا إليك. فقال: أكذاك؟ قال: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: مَكَانَكُمَا حَتَّى أَخْرُجَ إِلَيْكُمَا فأقضي بينكما. فخرج إليهما مُشْتَمِلًا عَلَى سَيْفِهِ، فَضَرَبَ الَّذِي قَالَ: رُدَّنَا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخرُ فأتى إلى رسولِ الله ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَتَلَ عُمَرُ وَاللَّهِ صَاحِبِي، وَلَوْلَا أَنِّي أَعْجَزْتُهُ لَقَتَلَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يَجْتَرِئَ عُمَرُ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ الآية [النساء:65]، فهدر دم ذلك الرجل، وبرئ عُمَرُ مِنْ قَتْلِهِ، فَكَرِهَ اللَّهُ أَنْ يُسَنَّ ذلك بعد، فأنزل: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء:66].

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، بِهِ. وَهُوَ أثرٌ غريبٌ مُرْسَلٌ، وَابْنُ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الشيخ: وهذا الخبر ضعيفٌ جدًّا من جهة ابن لهيعة، ومن جهة إرساله، ومن جهة نكارة متنه أيضًا، فإنَّ عمر ما يفعل هذا مع الرجل، وإنما يُوجِّهه ويُرشده ويُعلمه، ثم النبي ﷺ كيف يُحوِّلهم إلى عمر والنبي ﷺ يُعلِّمهم؟! بعثه الله مُعلِّمًا ومُرشدًا، ويُبين له أنَّ ما حكم اللهُ به ورسوله لا يُحال إلى أحدٍ.

المقصود أنَّ هذا مُنكرٌ، باطلٌ من جهاتٍ كثيرة، وإن كان يُستشهد به في الآية؛ ولهذا لما ذكره الشيخُ محمد في "التوحيد" قال: وقيل: المقصود أنَّ هذا الأثر ليس بصحيحٍ، ولا شكَّ أنَّ الواجبَ على جميع المكلَّفين التَّحاكم إلى شرع الله، والحذر من التَّحاكم إلى خلاف ذلك؛ ولهذا قال : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وقال جلَّ وعلا: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]، وقال : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، وقال سبحانه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47].

فالواجب على جميع المسلمين: على ولاة الأمور تحكيم شرع الله، وعلى المكلَّفين الخضوع لشرع الله، الخضوع لحكم الله، وعلى الحاكم أن يتحرَّى ما قاله الله ورسوله؛ حتى يحكم بحقٍّ، يتحرَّى شرع الله، ويتحرَّى الأدلة حتى يحكم، فإن أصابَ فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، إنما الواجب التَّحري؛ أن يتحرى الكتابَ والسُّنةَ وما دلَّ عليه شرعُ الله، ثم يحكم، وهذا ليس بالاختيار، بل يجب وجوبًا على أهل الإسلام أن يحكِّموا شرعَ الله، وعلى عُلمائهم أن ينظروا في ذلك، وأن يحكموا شرع الله، وأن يجتهد القاضي ويحرص على مُوافقة حكم الله، فإن بذل وسعَه واجتهد فله أجرانِ إن أصاب، وأجرٌ واحدٌ إن أخطأ، كما في "الصَّحيحين" عن النبي ﷺ من حديث عمرو بن العاص : أنَّ النبي ﷺ قال: إذا حكم الحاكمُ فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم واجتهد وأخطأ فله أجر.

س: حديث: "القُضاة ثلاثة" صحيحٌ؟

ج: نعم، نسأل الله العافية.

س: قيل إن الرجلين يهوديين؟

ج: نعم، ورد بعض الأخبار بذلك لكن العمدة عندنا الآية، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دُحَيْمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ شُعَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ: حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ ضَمْرَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَضَى لِلْمُحِقِّ عَلَى الْمُبْطِلِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: لَا أَرْضَى. فَقَالَ صَاحِبُهُ: فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَنْ نَذْهَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. فَذَهَبَا إِلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ لَهُ: قَدِ اخْتَصَمْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقضى لي. فقال أبو بكر: أَنْتُمَا عَلَى مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَأَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يرضى، فقال: نأتي عمرَ بن الخطَّاب. فَقَالَ الْمَقْضِيُّ لَهُ: قَدِ اخْتَصَمْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَضَى لِي عَلَيْهِ، فأبى أن يرضى. فسأله عمرُ بن الخطَّاب، فَقَالَ كَذَلِكَ، فَدَخَلَ عُمَرُ مَنْزِلَهُ وَخَرَجَ وَالسَّيْفُ فِي يَدِهِ قَدْ سَلَّهُ، فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ الذي أبى أن يرضى فقتله، فأنزل: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ الآية.

الشيخ: وهذا مُرسلٌ أيضًا.

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ۝ وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ۝ وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ۝ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ۝ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا [النساء:66- 70].

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ أَكْثَرِ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَوْ أُمِرُوا بِمَا هُمْ مُرْتَكِبُونَهُ مِنَ الْمَنَاهِي لَمَا فَعَلُوهُ؛ لِأَنَّ طِبَاعَهُمُ الرَّدِيئَةَ مَجْبُولَةٌ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَهَذَا مِنْ عِلْمِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ فَكَيْفَ كَانَ يَكُونُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ الآية.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ الْآيَةَ، قَالَ رَجُلٌ: لَوْ أُمِرْنَا لَفَعَلْنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَرِجَالًا الْإِيمَانُ أثبت في قلوبهم من الجبال الرَّواسي.

الشيخ: ولهذا قال: مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ، وهم أهل الإيمان الصَّحيح الصَّادق، نعم.

ورواه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُنِيرٍ: حدَّثنا روح: حدَّثنا هشام، عن الحسن بإسناده عن الأعمش قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ الْآيَةَ، قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: لَوْ فَعَلَ رَبُّنَا لَفَعَلْنَا. فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: لَلْإِيمَانُ أَثْبَتُ فِي قُلُوبِ أهلِه من الجبال الرَّواسي.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: افْتَخَرَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْقَتْلَ فَقَتَلْنَا أَنْفُسَنَا. فَقَالَ ثَابِتٌ: وَاللَّهِ لَوْ كَتَبَ عَلَيْنَا أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ لفعلنا، فأنزل اللهُ هذه الآية.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَمِّهِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوْ نَزَلَتْ لَكَانَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ.

الشيخ: يعني ابن مسعودٍ ، وهذا مُرسلٌ، نعم.

س: المراسيل هذه يُقوِّي بعضُها بعضًا؟

ج: نصّ القرآن يكفي، أقول: نصّ القرآن يكفي: إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ يُنفِّذون، والمعنى أنَّ أكثر الخلقِ ما يُنفّذ ما يُخالف هواه أو نفسه الأمَّارة بالسُّوء، أكثر الخلق تبع هواه، وليس عنده قوّة على تنفيذ ما فيه مشقّة: كقتل النفس، والخروج من البلد –وطنه- لكن أهل الإيمان الصَّادقين أقوياء الإيمان يُنفِّذون كلَّ شيءٍ حتى قتل النَّفس، كما جرى لليهود، مَن قوي الإيمانُ في قلبه نفَّذ ما وافق هواه وما خالف هواه؛ لأنَّ طاعةَ ربِّه مُقدَّمة عنده على كل شيءٍ، والإيمان في قلوبهم -مثلما في الأثر هذا- كالجبال الرَّواسي، الناس في إيمانهم طبقات كثيرة، والله المستعان: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [البقرة:253]، وهكذا أهل الإيمان فضل بعضهم على بعضٍ، ليسوا على حدٍّ سواء.

س: عملٌ بلا إيمانٍ؟

ج: ما يصلح عملٌ بلا إيمانٍ، إيمان القلوب هو الأساس، أصل الإيمان هو الأساس، لكن الإيمان يتفاوت، بعضُهم أقوى من بعضٍ؛ ولهذا أعمال المنافقين باطلة، وهم في الدَّرك الأسفل من النار؛ لأنَّ أعمالهم صدرت عن غير إيمانٍ، مخادعة، نعم.

وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الْآيَةَ: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ الْآيَةَ، أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ ذَلِكَ لَكَانَ هَذَا مِنْ أُولَئِكَ الْقَلِيلِ يَعْنِي: ابْنَ رَوَاحَةَ.

الشيخ: وهذا مُرسلٌ أيضًا؛ لأنَّ شريحَ بن عبيد تابعي، الأثر الأول ابن مسعود، وهنا عبدالله بن رواحة، لا شكَّ أنَّ عبدالله بن رواحة وعبدالله بن مسعود وغيرهما من أعيان الصَّحابة حريّون بهذا الاستثناء، وأنهم من هؤلاء المستثنين لو كتب ذلك، نعم.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ أَيْ: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ، وَتَرَكُوا مَا يُنْهَوْنَ عَنْهُ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ أَيْ: مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَارْتِكَابِ النَّهْيِ، وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا، قَالَ السُّدِّيُّ: أَيْ وَأَشَدَّ تَصْدِيقًا، وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَيْ: مِنْ عِنْدِنَا أَجْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الْجَنَّةَ، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

الشيخ: وهذا فيه دلالة على أنَّ العبد إذا تحرَّى فعل الأوامر، وترك النَّواهي، وانتفع بموعظة الله وتذكير الله؛ أنَّ الله يزيده ثباتًا وتوفيقًا وهدايةً وعلمًا نافعًا بسبب عمله الصَّالح، وبسبب مُسارعته للخيرات، وبسبب انتفاعه بتذكير الله وعظته، فكلما زاد العبدُ في الاتِّعاظ والتَّذكر والعمل زاده الله خيرًا، وزاده اللهُ هدًى، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17]، وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى [مريم:76]، فكلما كان إقبالُ العبد على الله أكثر وامتثالُه أكمل صارت الهدايةُ أكثر وأكمل، وتوفيق القلوب وتثبيتها.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69] أَيْ: مَنْ عمل بما أمره اللهُ به، وَتَرَكَ مَا نَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ  يُسْكِنُهُ دَارَ كَرَامَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ مُرَافِقًا لِلْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ لِمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ وهم الصِّديقون، ثم الشُّهداء والصَّالحون الَّذِينَ صَلُحَتْ سَرَائِرُهُمْ وَعَلَانِيَتُهُمْ، ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِمْ تَعَالَى فَقَالَ: وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وكان في شكواه التي قُبض فيها أخذته بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.

وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِهِ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الآخر: اللَّهم الرَّفِيق الْأَعْلَى ثَلَاثًا، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ.

الشيخ: "ثم قضى" يعني: ثم تُوفي، ثم خرجت روحُه عليه الصلاة والسلام، يعني مع هؤلاء الرَّفيق، الرفيق الأعلى، وحسُن أولئك رفيقًا، مَن كان مع هؤلاء قد صار مع أحسن رفيقٍ، الله أكبر، نعم.

س: أكلُ الحرامِ هل يُقَسِّي القلبَ؟

ج: لا شكَّ، أكل الحرام من أسباب قسوة القلوب، وهكذا الغفلة عن الله، وهكذا صُحبة الأشرار، كلّها من أسباب قسوة القلوب ومرضها، نسأل الله العافية.

س: ..... قال: أطب مطعمك تُستجاب دعوتك؟

ج: لا شكَّ أنَّ أكل الحرام شرّه عظيم، نسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكم في عافيةٍ.

س: الترتيب في الآية بحسب الأفضلية: الصِّديقين، ثم الشُّهداء، ثم الصَّالحين؟

ج: نعم، نعم، هم على هذه المراتب.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه