الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
خميس ٢٧ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 004- سورة النساء
  3. تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}

Your browser does not support the audio element.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ": حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ: حَدَّثَنَا علي عُفَيْفُ بْنُ سَالِمٍ.

الشيخ: انظر عفيف بن سالم.

الطالب: في "الخلاصة": (عس) عفيف بن سالم الموصلي، أبو عمرو، الفقيه، عن عكرمة بن عمار ومسعر، وعنه محمد بن عبدالله بن عمار وعلي بن حجر، وثَّقه ابنُ معين وأبو داود، قال ابنُ عمار: مات سنة ثلاثٍ وثمانين ومئة.

الشيخ: احذف "علي": عفيف، ما في "علي".

الطالب: في "التقريب": عفيف بن سالم الموصلي، البجلي مولاهم، أبو عمرو، صدوق، من الثامنة، مات بعد الثَّمانين. (عس).

عن أيوب، عن عُتْبَةَ.

الشيخ: أيوب بن عتبة.

الطالب: في الأصل: أيوب بن عتبة، انظر: أيوب بن عتبة في "الخلاصة".

الطالب: (ق) أيوب بن عتبة اليمامي، قاضيها، أبو يحيى، عن عطاء ويحيى ابن أبي كثير، وعنه آدم ومحمود بن محمد، ضعَّفه أحمدُ في يحيى، قال خليفة: توفي سنة ستين ومئة.

عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: سَلْ وَاسْتَفْهِمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُضِّلْتُمْ عَلَيْنَا بالصُّور والألوان والنُّبوة. ثم قال: أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمَنْتُ بِمَا آمَنْتَ بِهِ، وَعَمِلْتُ بما عَمِلْتَ بِهِ، إِنِّي لَكَائِنٌ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيُضِيءُ بَيَاضُ الْأَسْوَدِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ.

الشيخ: هذه من غرائب أيوب ..... وأشباهه، نعم، الله المستعان.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَانَ لَهُ بِهَا عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، كُتِبَ لَهُ بِهَا مِئَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَسَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَهْلَكُ بَعْدَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْعَمَلِ لَوْ وُضِعَ عَلَى جَبَلٍ لَأَثْقَلَهُ، فَتَقُومُ النِّعْمَةُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ، فَتَكَادُ أَنْ تستنفد ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ: هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِلَى قَوْلِهِ: نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [الإنسان:20]، فَقَالَ الْحَبَشِيُّ: وَإِنَّ عَيْنَيَّ لَتَرَيَانِ مَا ترى عيناك في الجنة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ، فَاسْتَبْكَى حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُدْلِيهِ فِي حُفْرَتِهِ بِيَدَيْهِ.

فِيهِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

الشيخ: لا شكَّ أنَّه ضعيفٌ، أقول: لا شكَّ أنَّه ضعيفٌ، ومتنه مُنكر.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ [النساء:70] أَيْ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ برحمته، وهو الَّذِي أَهَّلَهُمْ لِذَلِكَ، لَا بِأَعْمَالِهِمْ.

وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا أَيْ: هُوَ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ والتَّوفيق.

.............

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ۝ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا ۝ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ۝ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:71- 74].

يأمر الله تعالى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّأَهُّبَ لَهُمْ بِإِعْدَادِ الْأَسْلِحَةِ وَالْعُدَدِ، وَتَكْثِيرِ العدد بالنَّفير في سبيل الله، ثُبَاتٍ أَيْ: جَمَاعَةً.

الشيخ: وهذا أيضًا يدل على وجوب الأخذ بالأسباب، وأنَّ مجرد السَّبب الإيماني لا يكفي، بل لا بدَّ مَن أخذ العُدَّة والتَّحرز من الأعداء من جميع الوجوه، الإيمان هو الأصل، ولكن الإيمان يأمر بهذه العُدَّة، فمن الإيمان الإعداد والحذر، كما قال جلَّ وعلا: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]؛ ولهذا كان النبيُّ ﷺ يأخذ العُدَّة، ويجعل المرابطين والحرس، كل ذلك من أجل أخذ الحذر، ولا يجوز لأهل الإسلام أن يتساهلوا في هذا الأمر، بل يجب أن يقوموا بالحذر، ويعدّوا العُدَّة حسب الطاقة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، مأمورون بالمستطاع، وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ [الأنفال:60]، والباقي على الله جلَّ وعلا، هم عليهم أن يأخذوا بالأسباب في جميع الأمور: في قتال عدوهم، في حفظ حياتهم، في ستر عوراتهم، وأداء ما أوجب الله عليهم، وترك ما حرَّم الله عليهم، وصلة أرحامهم، وبرّ والديهم، وإكرامهم جيرانهم، إلى غير هذا، عليهم أن يأخذوا بالمستطاع في كل شيءٍ، فوعد الله وراء ذلك: هذا للجنة، وهذا للنار، لكن كلها مُقيدة بأسبابها، مربوطة بأسبابها، نعم.

يأمر الله تعالى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَخْذِ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّأَهُّبَ لَهُمْ بِإِعْدَادِ الْأَسْلِحَةِ وَالْعُدَدِ، وَتَكْثِيرِ العدد بالنَّفير في سبيل الله، ثُبَاتٍ أَيْ: جَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ، وَفِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ، وَسَرِيَّةً بَعْدَ سَرِيَّةٍ. وَالثُّبَاتُ جَمْعُ ثُبَةٍ، وَقَدْ تُجْمَعُ الثُّبَةُ عَلَى ثُبِين.

قَالَ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عباسٍ: قوله: فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَيْ: عُصَبًا، يَعْنِي: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ، أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا يَعْنِي: كُلّكُمْ.

الشيخ: يعني على حسب المصلحة، وليُّ الأمر يُرتِّبهم ويُنَظِّمهم حسب المصلحة: تارةً تكون المصلحةُ في بعث السَّرايا وتوزيع الجيش فرقًا: هذا إلى جهةٍ، وهذا في جهةٍ، وهذا في جهةٍ، وتارةً تدعو الحاجةُ إلى أن يجتمعوا؛ لأنَّ عدوَّهم مجتمعٌ، فيجتمعوا له، وولي الأمر ينظر المصلحةَ في نفيرهم، والنبي ﷺ هكذا فعل؛ نفر إلى قريشٍ جماعةً، وهكذا يوم أحدٍ نفروا جميعًا؛ لأنَّ العدو جاء مجتمعًا، وأرسل السَّرايا عليه الصلاة والسلام، نعم.

وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالسُّدِّيِّ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَخُصَيْفٍ الْجَزَرِيِّ.

وَقَوْلُهُ تعالى: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ.

قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ.

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَيُبَطِّئَنَّ أَيْ: لَيَتَخَلَّفَنَّ عَنِ الْجِهَادِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَبَاطَأُ هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَيُبَطِّئُ غَيْرَهُ عَنِ الْجِهَادِ، كَمَا كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ -قَبَّحَهُ اللَّهُ- يَفْعَلُ؛ يَتَأَخَّرُ عَنِ الْجِهَادِ وَيُثَبِّطُ النَّاسَ عَنِ الْخُرُوجِ فِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ جَرِيرٍ.

الشيخ: وهذا جاء بشدّة، قُرِئَتْ بالتَّشديد: يُبَطِّئَنَّ، هذا يقتضي أنه يبطئ غيره، وبالتَّخفيف: يُبْطِئَنَّ، يتأخَّر هو، لكن المنافقين شرّهم مُستطير؛ فيُبْطِئُون ويُبَطِّئُون: يُبْطِئون عن الخير، ويُبَطِّئون غيرهم عن الخير، يعني: يَكسلون ويُكسِّلون غيرهم ويُثَبِّطون غيرهم، نسأل الله العافية.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمُنَافِقِ أَنَّهُ يَقُولُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْجِهَادِ: فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ أَيْ: قَتْلٌ وَشَهَادَةٌ وَغَلْبُ الْعَدُوِّ لَكُمْ؛ لِمَا لِلَّهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ: قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا أَيْ: إِذْ لَمْ أَحْضُرْ مَعَهُمْ وَقْعَةَ الْقِتَالِ. يَعُدُّ ذَلِكَ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدْرِ مَا فَاتَهُ مِنَ الْأَجْرِ فِي الصَّبْرِ أَوِ الشَّهَادَةِ إِنْ قُتِلَ.

وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ أَيْ: نَصْرٌ وَظَفَرٌ وَغَنِيمَةٌ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ أَيْ: كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا أَيْ: بِأَنْ يُضْرَبَ لِي بِسَهْمٍ مَعَهُمْ فَأَحْصُلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ قَصْدِهِ، وَغَايَةُ مُرَادِهِ.

الشيخ: يعني: الغنيمة.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلْيُقَاتِلْ أَيِ: الْمُؤْمِنُ النَّافِرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ أَيْ: يَبِيعُونَ دِينَهُمْ بِعَرَضٍ قَلِيلٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِكُفْرِهِمْ وَعَدَمِ إِيمَانِهِمْ.

الشيخ: ظاهر السِّياق: يَشْرُونَ الْحَيَاةَ يعني: يشترونها، يشترون الحياةَ بالآخرة، يبيعون الآخرة ويشترون الدنيا؛ لعدم إيمانهم، يعني: يُؤثِرون الحياةَ الدُّنيا على الآخرة: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا الذين يشترونها ويبيعون الآخرة، يعني: يرفضون الآخرة ويزهدون فيها، وهم الكفَّار والمنافقون؛ لقلَّة علمهم، وعدم إيمانهم.

ويحتمل: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ يعني: فاعل، يُقاتل –يعني- الذين يشرون الحياة الدنيا، يعني: يبيعونها بالآخرة؛ لأنَّه وصفٌ للمُقاتلين الذين يُقاتلون في سبيل الله، الَّذِينَ فاعل يُقاتل، فيكون معناها مثلما قال المؤلِّفُ: باعوا الدُّنيا واشتروا الآخرة. معنى يَشْرُونَ يعني: باعوا الحياة الدنيا بالآخرة، والشِّراء يُسْتَعْمَلُ بمعنى: باع، وبمعنى: اشترى.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:74] أَيْ: كُلُّ مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -سَوَاءٌ قُتِلَ أَوْ غَلَبَ- عِنْدَ اللَّهِ مَثُوبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأَجْرٌ جَزِيلٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ".

وَتَكَفَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ إِنْ تَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يُرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ.

وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ۝ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء:75- 76].

يُحَرِّضُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَعَلَى السَّعْيِ فِي اسْتِنْقَاذِ الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ الْمُتَبَرِّمِينَ من المقام بِهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يَعْنِي: مَكَّةَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [محمد:13].

ثُمَّ وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا أَيْ: سَخِّرْ لَنَا مِنْ عِنْدِكَ وَلِيًّا وَنَاصِرًا.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ.

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلَا: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ [النساء:98]، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ أَيِ: الْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَالْكَافِرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ.

ثُمَّ هَيَّجَ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِ أَعْدَائِهِ بِقَوْلِهِ: فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا.

الشيخ: وهذا ضعيفٌ بالنسبة إلى أولياء الله الذين يحترزون منه ويبتعدون منه ويُجاهدونه، ولكنَّه شديدٌ على أولئك الذين يُوالونه، استحوذ عليهم وأغراهم وصدَّهم عن الهدى بالوساوس وما زيَّنه لهم وما وعدهم به من الأكاذيب والأباطيل، نسأل الله العافية.

والمقصود من هذا التَّحريض على محاربة الشَّيطان الذي حكم اللهُ عليه بأنَّ كيده ضعيفٌ، فكيف ترضى بأن يغلبك؟ كيف ترضى أن يُغيرك بالباطل ويصدّك عن الهدى؟ ألا تُصدّق الله في هذا الخبر العظيم؟

احرص على محاربة هذا العدو، فكيده ضعيفٌ لمن جاهد نفسَه لله، وصدق مع الله، وبذل وسعه في طاعة الله، والله يقيه شرَّه، ويكفيه وساوسه؛ ولهذا في الآية الأخرى يقول جلَّ وعلا: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر:6] يعني: عامله معاملة الأعداء، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ، هذا طلبه أن يكونوا معه في النار، فلا تتساهل في تحقيق رغباته، وإجابته إلى طلباته، والإصغاء إلى وساوسه، بل احذر، نعم.

ومن العجب العجيب أنَّ هذا الشَّيطان مع كون كيده ضعيفًا قد تابعه الأكثرون، وأطاعوه، واتَّبعوا خطواته بسبب الأهواء، وضعف الإيمان، وقلّة اليقين، وغلب على الأكثر إيثار الشَّهوات التي حرَّم الله، والتَّكاسل عن الواجبات، فصار بهذا تحقيق مطالب العدو واتِّباع خطواته: كترك الصَّلوات والتَّثاقل عنها في الجماعات، والبخل بالزكاة، وعدم الصوم، وعدم الحجِّ، وعدم برِّ الوالدين، وعدم الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، إلى غير هذا من الصدود، كلّه من تزيين عدو الله، ومن ضعف الإيمان، وقلّة البصيرة، وقلّة العزم، وضعف العزم، وعدم بُعْدِ النَّظر، أكثر الخلق نظره قاصرٌ على شهوته الحاضرة، وحظِّه العاجل، ليس عنده بُعْدُ نظرٍ إلى العواقب وما يكون بعد الموت، سكرانٌ بهذه الشَّهوات العاجلة؛ ولهذا غلب عليهم عدو الله، قال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20]، وقوله جلَّ وعلا عنه أنَّه قال: وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:17]، وقال عن ظنٍّ، فصدق عليهم ظنّه وتابعوه؛ لضعف الإيمان، وعدم بُعْدِ النَّظر، وغلبة الهوى وطاعة أولياء الشَّيطان، نسأل الله السَّلامة.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلسShare via Email
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه