الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
جمعة ٢٨ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 006- سورة الأنعام
  3. تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ..}

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ..}

Your browser does not support the audio element.

ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ۝ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:154- 155].

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ قُلْ يَا مُحَمَّدُ مُخْبِرًا عَنَّا بِأَنَّا آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ، بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [الأنعام:151].

قُلْتُ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ، و"ثم" هَاهُنَا إِنَّمَا هِيَ لِعَطْفِ الْخَبَرِ بَعْدَ الْخَبَرِ، لا للترتيب هاهنا، كما قال الشَّاعر:

قُلْ لِمَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ ثُمَّ من قَبْلَ ذَاكَ قَدْ سَادَ جَدُّهُ

وَهَاهُنَا لَمَّا أخبر اللهُ سبحانه عَنِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153] عَطَفَ بِمَدْحِ التَّوْرَاةِ وَرَسُولِهَا فَقَالَ: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ، وَكَثِيرًا مَا يَقْرِنُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ ذِكْرِ الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا [الأحقاف:12]، وقوله أَوَّل هَذِهِ السُّورَةِ: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا الْآيَةَ [الأنعام:91]، وَبَعْدَهَا: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ الْآيَةَ [الأنعام:155].

وَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ: فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى، قَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ [القصص:48].

وَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْجِنِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ الآية [الأحقاف:30].

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَمامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا أَيْ: آتَيْنَاهُ الْكِتَابَ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْهِ تَمَامًا كاملًا جامعًا لما يحتاج إليه في شريعته، كقوله: وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الآية [الأعراف:145].

وقوله تعالى: عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ أَيْ: جَزَاءً عَلَى إِحْسَانِهِ فِي الْعَمَلِ، وَقِيَامِهِ بِأَوَامِرِنَا وَطَاعَتِنَا، كَقَوْلِهِ: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن:60]، وَكَقَوْلِهِ: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [البقرة:124]، وكقوله: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].

الشيخ: والمقصود من هذا كلِّه بيان ما أوضحه الله في كتبه السَّماوية، وأنه سبحانه أنزل على الرسل ما فيه الهدى والبيان وإيضاح الحقّ، فقد أنزل على موسى التَّوراة، وأنزل الإنجيل أيضًا بعد ذلك، وأنزل الكتب السَّابقة كلّها لبيان الحقِّ، كما قال جلَّ وعلا: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25]، كل الرسل، لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ أي: بالحجج الظَّاهرة، والدَّلائل القاطعة على صدقهم، وأنهم رسلٌ من عند الله، دعوا إلى الحقِّ، وجاءوا بالحقِّ: وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ كتب مُنزلة من السَّماء للرسل، والميزان هو العدل بين الناس، والقسط بين الناس، ثم كمَّل الله بهذا الكتاب العظيم.

قال: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ [الأنعام:154] والمعنى والله أعلم: يعني من قبلك، لكن لما كان المعنى ظاهرًا سقطت، لم يذكر: من قبلك، أو من قبل؛ لأنَّ المعنى ظاهرٌ؛ لأنَّ موسى كان من قبل، قد ذكره الله في مواضع أخرى، والله آتى محمدًا الكتاب العظيم الذي هو أكمل الكتب، كما أعطى مَن قبله كتبًا، ومنهم موسى عليه الصلاة والسلام، سنة الله في رسله؛ يُنزّل عليهم الكتب، ويُنزل معهم الميزان، ويُوضّح للناس الحقّ الذي يطلب منهم التزامه؛ حتى تقوم عليهم الحجّة، فيه التفصيل، وفيه الهدى، وفيه البيان، كما أنَّ هذا القرآنَ فيه الهدى والبيان؛ ولهذا قال بعدها: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155]، فهذا الكتاب -يعني: القرآن- مباركٌ؛ لما فيه من الخير العظيم، والدَّلائل القطعية، والبراهين السَّاطعة على استحقاقه للعبادة، وأنَّه ربُّ العالمين، وأنَّه الخلَّاق العليم، وأنَّه سبحانه هو المستحقّ لأن يُعبد ويُشكر، ويُخاف ويُحذر؛ لقُدرته الكاملة، وعظيم إنعامه، وشدّة عقابه؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا يعني: اتَّبعوا هذا الكتاب المبارك، واتَّقوا غضبَ الله وعقابه، اتَّقوا أن تُصيبكم النَّكبات والعقوبات التي أصابت مَن قبلكم بسبب الإعراض والتَّكذيب، فلكم في أخبار مَن مضى وقصص الأمم الماضية لكم فيها عبرة وعظة، من أولهم نوح إلى ما جرى في عهد موسى، سنة الله ماضية في عباده؛ مَن أجابه واتَّقاه واستقام على أمره كتب الله له النُّصرة والتَّأييد والعاقبة الحميدة، ومَن أبى وعاند وكابر كانت له الخيبة والعاقبة الوخيمة، ودارت عليه الدَّوائر، وإن أُملي له بعض الوقت.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ [الأنعام:154] يَقُولُ: أَحْسَنَ فِيمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: مَنْ أَحْسَنَ فِي الدُّنْيَا تَمَّمَ لَهُ ذَلِكَ فِي الآخرة.

واختار ابنُ جريرٍ أنَّ تقديره: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمامًا عَلَى إِحْسَانِهِ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ (الَّذِي) مَصْدَرِيَّةً، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا [التوبة:69] أَيْ: كخوضهم.

وقال ابنُ رواحة:

وثبَّت اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ فِي الْمُرْسَلِينَ وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا

وَقَالَ آخَرُونَ: (الَّذِي) هَاهُنَا بمعنى: الذين.

قال ابنُ جرير: وذُكِرَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا: تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ: تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ، قَالَ: عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُحْسِنِينَ.

الشيخ: والقراءات الأولى واضحة: تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ يعني: أعطاه الكتابَ تمامًا، فيه غاية الكمال على الذي حصل من الإحسان والصَّبر على أداء الرِّسالة، والقوة في ذلك، والتَّعب العظيم الذي لاقاه من بني إسرائيل ومن آل فرعون، فالله جلَّ وعلا أعلى ذكره، وثبَّت قدمه، وأعطاه الكتابَ العظيم على الذي حصل من الإحسان والصَّبر والمجاهدة.

وَكَذَا قَالَ أبو عبيدة.

وقال البغويُّ: المحسنون: الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ، يَعْنِي: أَظْهَرْنَا فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ.

قُلْتُ: كقوله تَعَالَى: قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي [الأعراف:144]، وَلَا يَلْزَمُ اصْطِفَاؤُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ والخليل عليهما السَّلام؛ لأدلةٍ أخرى.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَرَوَى أَبُو عَمْرِو ابْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا: تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ رَفْعًا، بِتَأْوِيلِ: عَلَى الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ لَا أَسْتَجِيزُ الْقِرَاءَةَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَجْهٌ صَحِيحٌ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ، زِيَادَةً عَلَى ما أحسن إِلَيْهِ. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيُّ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ جَمَعَ ابْنُ جريرٍ كما بيَّنَّاه، ولله الحمد.

وقوله تعالى: وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً فِيهِ مَدْحٌ لِكِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ۝ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:154- 155] فِيهِ الدَّعْوَةُ إِلَى اتِّبَاعِ القرآن، يُرَغِّبُ سبحانه عبادَه في كتابه، ويأمرهم بتدبره، والعمل به، والدَّعوة إليه، وَوَصْفه بِالْبَرَكَةِ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وَعَمِلَ بِهِ فِي الدُّنيا والآخرة؛ لأنَّه حبل الله المتين.

أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ [الأنعام:156- 157].

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنَاهُ: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ لئلا تَقُولُوا {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} يعني: لينقطع عذركم، كقوله تَعَالَى: وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ الآية [القصص:47].

وقوله تعالى: عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا قَالَ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَيْ: وَمَا كُنَّا نَفْهَمُ مَا يَقُولُونَ؛ لِأَنَّهُمْ ليسوا بلساننا، ونحن في غفلةٍ وشغلٍ مع ذلك عَمَّا هُمْ فِيهِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ أَيْ: وَقَطَعْنَا تَعَلُّلَكُمْ أَنْ تَقُولُوا: لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمْ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فِيمَا أُوتُوهُ. كَقَوْلِهِ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ الآية [فاطر:42]، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ يَقُولُ: فَقَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ قُرْآنٌ عَظِيمٌ فِيهِ بَيَانٌ لِلْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَهُدًى لِمَا فِي الْقُلُوبِ، وَرَحْمَةٌ من الله لعباده الذين يتَّبعونه ويقتفون ما فيه.

وقوله تَعَالَى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا [الأنعام:157] أَيْ: لَمْ يَنْتَفِعْ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَلَا اتَّبَعَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَلَا تَرَكَ غَيْرَهُ، بَلْ صَدَفَ عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِ الله، أي: صدف النَّاسَ وَصَدَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ. قَالَهُ السُّدِّيُّ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ: وَصَدَفَ عَنْهَا أَعْرَضَ عَنْهَا.

وَقَوْلُ السُّدِّيِّ هَاهُنَا فِيهِ قُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [الأنعام:26]، وَقَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ [النحل:88]، وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ.

وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ فِيمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا أَيْ: لَا آمَنَ بِهَا، وَلَا عَمِلَ بِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ۝ وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة:31- 32]، وغير ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى اشْتِمَالِ الْكَافِرِ عَلَى التَّكْذِيبِ بِقَلْبِهِ، وَتَرْكِ الْعَمَلِ بِجَوَارِحِهِ، وَلَكِنَّ كلامَ السّدي أقوى وأظهر، والله أعلم؛ لأنَّ الله قَالَ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا، كقوله تَعَالَى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ.

الشيخ: ولا شكَّ أنَّ مَن أعرض عن الحقِّ وكذَّب به مجرمٌ، ولكن أعظم منه أن يصرف الناسَ، يصدّ الناسَ عن الحقِّ، يعني: لا يكتفي بنفسه، يُكذِّب بالحقِّ، ويترك العملَ، ومع هذا يصدّ الناسَ، يعني: يكون داعيةَ شرٍّ، ما اكتفى بأن يترك الحقَّ وحده، بل سعى في ترك الناس له، وصدّ الناس عنه ..... صدف يعني: صدّ الناس، والمعنى الأول: أعرض، يعني: لم يُؤمن، ولم يعمل، كذَّب وأعرض عن الحقِّ، والمعنى الثاني: كذَّب وصدَّ الناس عن الحقِّ وزيادة، وكثيرٌ من الكفَّار هكذا؛ منهم مَن كذَّب وأعرض، ومنهم مَن ضمَّ إلى هذا -كأبي جهلٍ وأشباهه من دُعاة الباطل- منهم مَن ضمَّ إلى كفره صدّ الناس، وهكذا سائر الدُّعاة إلى الباطل، مع فعلهم الباطل واعتقادهم الباطل فهم مع هذا يصدّون الناس، ويدعونهم إلى ترك الحقِّ، ويلبسون عليهم الشّبهات المضلّة، هؤلاء أعظم جريمة؛ لأنهم جمعوا بين الشَّرين: ترك الحقِّ، وصدّ الناس عنه، نسأل الله العافية.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه