الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
جمعة ٢٨ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 040- سورة غافر
  3. تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ..}

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ..}

Your browser does not support the audio element.

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ۝ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ [غافر:77- 78].

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ ﷺ بِالصَّبْرِ عَلَى تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ: فَإِنَّ اللَّهَ تعالى سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى قَوْمِكَ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لَكَ وَلِمَنِ اتَّبَعَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

الشيخ: وهذا الأمر وقع للنبي ﷺ في مواضع كثيرةٍ من القرآن يأمره سبحانه بالصبر، وهو أمرٌ له ولأتباعه من الدُّعاة إلى الله والعُلماء وأُمراء الحقِّ كلّهم مأمورٌ بالصَّبر، لا بدَّ من الصَّبر؛ ولهذا قال تعالى في الآيات الأخرى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]، وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور:48]، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [الروم:60]، فلا بدَّ من الصَّبر.

فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ وَقَعَ؛ فَإِنَّ الله تعالى أَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَعُظَمَائِهِمْ، أُبِيدُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ، ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ وسائر جزيرة العرب في حياته ﷺ.

وقوله : أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ أَيْ: فَنُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّديد في الآخرة.

ثم قال تعالى مُسَلِّيًا لَهُ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ، كما قال جلَّ وعلا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ، أَيْ: مِنْهُمْ مَنْ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ خَبَرَهُمْ وَقِصَصَهُمْ مَعَ قَوْمِهِمْ كَيْفَ كَذَّبُوهُمْ، ثُمَّ كَانَتْ لِلرُّسُلِ الْعَاقِبَةُ وَالنُّصْرَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ ذكر بِأَضْعَافِ أَضْعَافٍ، كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمَهُ بِخَارِقٍ لِلْعَادَاتِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ.

الشيخ: والمقصود من هذا التَّعزية والتَّسلية، وأنَّ الرسلَ قبلك صبروا، فأنت كذلك، كما قال في سورة الأحقاف: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ولَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ [الأحقاف:35]، فكما صبر أولئك الأخيارُ من الرسل، فأنت كذلك، وهو أفضلهم وخيرهم: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49]، وهكذا أولياء الله: الدّعاة إليه، وعلماء الأمة، وهكذا كل داعٍ إلى الحقِّ عليه أن يتأسَّى بأولئك الأخيار ولا يجزع، وهكذا الرجل مع أهل بيته، ومع أولاده، ومع جيرانه، إذا بُلِيَ يصبر، له أسوة بالأخيار، كما قال في سورة يوسف: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف:111]، وقال سبحانه في أول السورة: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3]، فالقصص إنما جاء في الكتاب العزيز والسّنة المطهرة للتَّعزية والتَّسلية والحثّ على التَّأسِّي بالأخيار.

فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُوَ عَذَابُهُ وَنَكَالُهُ الْمُحِيطُ بِالْمُكَذِّبِينَ قُضِيَ بِالْحَقِّ فيُنجِّي المؤمنين، ويُهلك الكافرين؛ ولهذا قال : وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ.

الشيخ: كما جرى يوم بدر، ويوم الأحزاب، ويوم خيبر، ويوم الفتح، نصر اللهُ فيها أولياءه، وأيَّدهم، وابتلاهم يوم أحدٍ بأسبابٍ بيَّنها سبحانه.

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ۝ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ۝ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ [غافر:79- 81].

يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ بِمَا خَلَقَ لَهُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ: فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ [يس:72]، فَالْإِبِلُ تُرْكَبُ، وَتُؤْكَلُ، وَتُحْلَبُ، وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا الْأَثْقَالُ فِي الْأَسْفَارِ وَالرِّحَالِ إِلَى الْبِلَادِ النَّائِيَةِ، وَالْأَقْطَارِ الشَّاسِعَةِ، وَالْبَقَرُ تُؤْكَلُ، ويُشْرَب لبنُها، وتُحرث عليها الْأَرْضُ، وَالْغَنَمُ تُؤْكَلُ، وَيُشْرَبُ لَبَنُهَا، وَالْجَمِيعُ تُجَزُّ أَصْوَافُهَا وَأَشْعَارُهَا وَأَوْبَارُهَا؛ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَثَاثُ وَالثِّيَابُ وَالْأَمْتِعَةُ كَمَا فَصَّلَ وَبَيَّنَ فِي أَمَاكِنَ تَقَدَّمَ ذكرها في سورة الأنعام، وسورة النحل، وغير ذلك؛ ولذا قال  هَاهُنَا: لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ۝ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ.

الشيخ: ثم الآن جاءت مراكب أخرى الله يعلمها، كما قال تعالى: وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [النحل:8]، خلق لنا ما لا يعلمه الأوَّلون من المراكب الجوية والأرضية والصَّحراوية، من السيارات والقطارات والطائرات، وغير ..... التي في البحر جاءت مراكب جديدة سخَّرها لعباده، فالواجب شكره عليها، والاستفادة منها فيما يُرضيه في طاعته ..... عباده، فهي مُسخَّرة من ربنا  لمنفعتنا في هذه الدار على يد أعدائنا، وعلى يد غيرهم.

وقوله جلَّ وعلا: وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ أَيْ: حُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ فِي الْآفَاقِ وَفِي أنفسكم.

الشيخ: وهذه الآيات -الحجج والبيِّنات- كلها آيات دالَّة على صدق الرسل، وعلى حكمة الله فيما وقع من نصره لأوليائه، وإذلاله لأعدائه، وإدرار النعم على أوليائه، وإصابة أعدائه بما شاء من أنواع العقوبات، كلها آيات.

فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ أَيْ: لَا تَقْدِرُونَ عَلَى إِنْكَارِ شَيْءٍ مِنْ آيَاتِهِ إِلَّا أَنْ تُعَانِدُوا وتُكابروا.

أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۝ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ۝ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ۝ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ [غافر:82- 85].

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِالرُّسُلِ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ، وَمَاذَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ، مَعَ شِدَّةِ قُوَاهُمْ، وَمَا أَثَّرُوهُ فِي الْأَرْضِ وَجَمَعُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا رَدَّ عَنْهُمْ ذَرَّةً مِنْ بَأْسِ اللَّهِ.

الشيخ: وهكذا جرى لقوم نوحٍ، أُمَّة عظيمة، ذهبوا كأمس الذَّاهب، أُمَّة عظيمة في لحظةٍ أغرقهم الله، ولم يَنْجُ إلا مَن كان مع نوحٍ في السَّفينة، ذهبت تلك الأموال والنّفوس والأمتعة، كلها ذهبت، هلكوا، وهكذا قوم هودٍ، وهكذا قوم صالحٍ، وهكذا قوم شعيبٍ، وهكذا قوم لوطٍ، وهكذا غيرهم ممن أبادهم اللهُ بعقوباته، وهكذا فرعون مع طُغيانه ماذا جرى عليه، وماذا جرى على جنده في لحظةٍ واحدةٍ، هلكوا بالغرق بسبب عصيانهم وكفرهم وإيذائهم المؤمنين، فللكافرين أمثال هذا، فلا ينبغي للعاقل أن يغترَّ بالإملاء، فقد يُمْلِي اللهُ كثيرًا، ويُمهل كثيرًا، وله الحكمة البالغة، وقد يُعجّل العقوبة، قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]، وقال في الآية الأخرى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ۝ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:182- 183]، قد يُملي اللهُ للعُصاة ويُمهلهم على عصيانهم وكفرهم وضلالهم، ثم يأخذهم.

فلا ينبغي للعاقل أن يغترَّ بالإملاء والإنظار والصحّة والعافية وهو مُقيمٌ على معاصي الله، لا يغترّ بذلك، فإنَّ هذا أشدّ عليه خطرًا، وأعظم إثمًا، قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، ما قال .....، ولكن لحكمةٍ بالغةٍ عجّلهم، فلا ينبغي لعاقلٍ أن يغترَّ بهذا الإمهال والاستدراج والإنظار، بل يأخذ حذره، فقد يُعاجل ولا يمكّن من التَّوبة.

وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ بِالْبَيِّنَاتِ وَالْحُجَجِ الْقَاطِعَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الدَّامِغَاتِ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ، وَلَا أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ، وَاسْتَغْنَوْا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فِي زَعْمِهِمْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، لَنْ نُبْعَثَ، وَلَنْ نُعَذَّبَ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بجهالتهم، فأتاهم من بأس الله تعالى مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ.

الشيخ: يعني علومًا باطلة، ظنّوها علومًا وهي علوم باطلة لا فائدةَ فيها، ولا خيرَ فيها، لكن ظنّوها علومًا، وظنّوها مفيدةً، حتى كذَّبوا بها الرسلَ، وأنكروا بها البعثَ والنُّشورَ؛ فخابوا وخسروا.

وَحَاقَ بِهِمْ أي: أحاط بهم مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ أَيْ: يُكَذِّبُونَ وَيَسْتَبْعِدُونَ وُقُوعَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا أَيْ: عَايَنُوا وُقُوعَ الْعَذَابِ بِهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ أي: وحَّدوا الله ، وَكَفَرُوا بِالطَّاغُوتِ، وَلَكِنْ حَيْثُ لَا تُقَالُ الْعَثَرَاتُ، وَلَا تَنْفَعُ الْمَعْذِرَةُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ فِرْعَوْنُ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:90- 91] أَيْ: فَلَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قد استجاب لنبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام دعاءه حِينَ قَالَ: وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:88]، وهكذا قال تعالى هاهنا: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ أَيْ: هَذَا حُكْمُ اللَّهِ فِي جَمِيعِ مَنْ تَابَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ ولهذا جاء في الحديث: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لم يُغَرْغِرْ أَيْ: فَإِذَا غَرْغَرَ وَبَلَغَتِ الرُّوحُ الْحَنْجَرَةَ وَعَايَنَ الْمَلَكَ فَلَا تَوْبَةَ حِينَئِذٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ تعالى: وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ.

الشيخ: نسأل الله العافية، نعوذ بالله، في هذا أعظم تحذيرٍ، وأعظم إنذارٍ من الاستمرار في المعاصي والكفر وعدم العجلة بالتَّوبة وعدم المبادرة، فإنَّ العاقبةَ تكون سيئةً، فلا ينبغي للعاقل أن يُمهل وينتظر، بل يُبادر ويُسارع إلى التوبة والإصلاح.

س: مُعاينة العذاب وبلوغ الروح الحلقوم شيئان أو شيء واحد؟

ج: لا، شيئان: بلوغ الروح الحلقوم شيء، والعذاب شيء، لما نزل العذابُ بقوم نوحٍ ما نفعتهم التوبةُ، غير خروج الروح.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه