الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

الشعار
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات
خميس ٢٧ / جمادى ٢ / ١٤٤٧
المفضلة
Brand
  • الرئيسية
  • فتاوى
    • مجموع الفتاوى
    • نور على الدرب
    • فتاوى الدروس
    • فتاوى الجامع الكبير
  • صوتيات
    • دروس و محاضرات
    • شروح الكتب
  • مرئيات
    • مقاطع مختارة
    • مرئيات الشيخ
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • سلة التسوق
  • المفضلة
  • حمل تطبيق الشيخ على الهواتف الذكية
  • أندرويد
    آيفون / آيباد
  • فتاوى
  • صوتيات
  • كتب
  • مقالات
  • لقاءات
  • مراسلات
  • مرئيات

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله

موقع يحوي بين صفحاته جمعًا غزيرًا من دعوة الشيخ، وعطائه العلمي، وبذله المعرفي؛ ليكون منارًا يتجمع حوله الملتمسون لطرائق العلوم؛ الباحثون عن سبل الاعتصام والرشاد، نبراسًا للمتطلعين إلى معرفة المزيد عن الشيخ وأحواله ومحطات حياته، دليلًا جامعًا لفتاويه وإجاباته على أسئلة الناس وقضايا المسلمين.

Download on the App StoreGet it on Google Play

الموقع الرسمي لسماحة الشيخ

BinBaz Logo

مؤسسة الشيخ عبد العزيز بن باز الخيرية

جميع الحقوق محفوظة والنقل متاح لكل مسلم بشرط ذكر المصدر

تطوير مجموعة زاد
  1. شروح الكتب
  2. 003- سورة آل عمران
  3. تفسير قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}

تفسير قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}

Your browser does not support the audio element.

لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران:92].

رَوَى وَكِيعٌ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ قال: الْجَنَّةُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرحَاءُ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ.

قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرحَاءُ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رسول الله حيث أراك اللَّهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: بَخٍ، بَخٍ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَاكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ، وَأَنَا أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عمِّه. أخرجاه.

وفي "الصحيحين": أنَّ عمر قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْ سَهْمِي الَّذِي هو بخيبر، فما تأمُرني به؟ قال: حبِّس الْأَصْلَ، وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ.

الشيخ: وهذه الآية الكريمة مع ما ورد فيها من الأحاديث كلّها تدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يجود مما أعطاه الله، وأن يتقرّب إلى الله بما يُحبّ؛ حتى يكون له بذلك الفضل العظيم، والأجر العظيم، قال تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، لَنْ تَنَالُوا يعني: تحصلوا وتُدركوا البرَّ، والبرُّ هو كمال الإيمان، وكمال التَّقوى: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر الآية [البقرة:177]، ومن ثواب ذلك حصول الجنّة؛ فإنَّ مَن أدرك البرَّ وفاز بالبرِّ فاز بالجنّة، كما قال عمرو بن ميمون: "البرّ إلى الجنّة"، يعني: مَن رُزِقَ البرّ في أعماله فاز بالجنّة، قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ [الانفطار:13].

فمن البرِّ ومن التَّقوى أن تُنفق في سبيل الله مما تُحبّ من مالك: في الجهاد، وفي الصَّدقة وسائر وجوه البرِّ، هذا من كمال البرِّ، ومن أسباب دخول الجنّة والنَّجاة من النار، قال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ۝ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ [الإنسان:8- 9]، وقال سبحانه: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ [البقرة:177].

فالإنفاق مما أعطاك الله مما تُحبّ مما هو نفيسٌ عندك، تبتغي وجهَ الله، فهو من الدَّلائل على كمال البرِّ، ومن الدَّلائل على كمال الإيمان، ومن الدَّلائل على قوة الرَّغبة فيما عند الله.

وكانت بيرحاء بُستانًا جيدًا لأبي طلحة، ثم ..... النبي عليه الصلاة والسلام، كان النبيُّ يدخل فيها بعض الأحيان، ويشرب ماءً طيبًا فيها، فلما سمع أبو طلحة هذه الآية، وهي قوله سبحانه: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، قال: يا رسول الله، إني سمعتُ الله يقول: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء –يعني: هذا النَّخل، وهذا البُستان- وإنها صدقة أرجو برّها وذُخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك اللهُ. فقال له النبي ﷺ: أرى أن تجعلها في الأقربين، أن تقسمها في الأقربين، يعني: لصلة رحمك. ففعل أبو طلحة ذلك، فدلَّ على أنَّ الصَّدقة في الأقربين من أفضل القُربات، صلتان: صدقة وصلة، يقول النبيُّ ﷺ: الصَّدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرَّحم اثنتان: صدقة وصلة، وكل مؤمنٍ يُشرع له أن يعتني بهذا الأمر، ويكون له التَّأسي بالأخيار في الإنفاق مما يُحبّ، والجود في وجوه البرِّ، ولا سيما للأقربين المحتاجين من ذويه، يُواسيهم ويُحسن إليهم.

س: المحشي استدرك على الحافظ في قوله: (في "الصحيحين" عن عمر قال: يا رسول الله .....) قال: لم أجد فيهما، ويُنظر "سنن ابن ماجه" والنَّسائي. يقول: ليس في "الصحيحين"؟

ج: المعروف أنَّه ثابتٌ في "الصحيحين"، ذكروه في الوقف، لكن هل هو عن عمر نفسه، أو عن صحابيٍّ آخر: (أنَّ عمر قال: يا رسول الله) محل نظرٍ، ومن أحاديث "العُمدة" أيضًا.

س: هل يدخل في الأقربين مَن يُكلَّف الإنسانُ بالإنفاق عليهم؟

ج: إذا أعطاهم وأنفق عليهم نعم، من غير الزكاة، إذا أعطاهم ..... بني إخوانه، أو بني أخواته، حتى أولاده إذا ساوى بينهم وعدل، وآباءه، وأجداده، إذا ساوى وعدل في أولاده، العدل في أولاده لا بدَّ منه، أما غير الأولاد لا بأس بالتَّفضيل.

س: الآية خاصَّة في إنفاق المال أم عامّة .....؟

ج: الآية في المال، وأمَّا العلم فهذا شيءٌ آخر؛ قد يكون أنفع لهم من المال، وأفضل لهم من المال، تعليمهم وتوجيههم هذا شيءٌ آخر، هذا فضله ونفعه أكثر.

س: .............؟

ج: يتصدّق عليهم مما يسَّر الله، لكن الأقربون مُقدَّمون إذا كانوا فُقراء؛ صدقة وصِلَة.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَمْرِو ابْنِ حِمَاسٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ: حَضَرَتْنِي هَذِهِ الْآيَةُ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، فَذَكَرْتُ مَا أَعْطَانِيَ اللَّهُ، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا أحبّ إليَّ من جاريةٍ لي رُومِيَّةٍ، فَقُلْتُ: هِيَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَلَوْ أَنِّي أَعُودُ فِي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ لَنَكَحْتُهَا. يعني: تزوَّجتُها.

الطالب: .........

الشيخ: وهذا من ابن عمر  ورعٌ، وإلا فتزوّجها ليس رجوعًا في العتق، وليس رجوعًا فيما قدّم الله، فقد أعتق النبيُّ صفيةَ وتزوَّجها عليه الصلاة والسلام، فإذا أعتق الحرَّة وتزوَّجها فلا بأس في ذلك، يكون عتقُها صدقةً، أو خطبها بعد ذلك، ولو كان ما تزوَّجها عند العتق، لكن بعد ذلك خطبها وتزوَّجها لا بأس، لكن هذا من ورعه، وكأنَّه نسي قصّة صفية ذاك الوقت، لم تكن على باله إن صحَّ الخبرُ عنه.

وأبو عمرو ابن حماس هذا قد يكون ليس بمشهورٍ، نعم.

مُداخلة: أبو عمرو ابن حماس -بكسر المهملة والتَّخفيف- اللَّيثي، مقبول، من السادسة، مات سنة تسعٍ وثلاثين. (أبو داود).

الشيخ: قال عنه: مقبول. والمقبول روايته ضعيفة، إلا أن يُتابع، فيبعد أن يكون يخفى مثل هذا على ابن عمر.

س: ما يكون مثل مَن تصدَّق ثم اشترى صدقته؟

ج: لا، لا، ما فيه شيء، ما هو من هذا الباب، هذا إحسانٌ فيها، كونها زوجةً له إحسانًا فيها: يُعلِّمها، ويُوجِّهها، وينفعها مثلما فعل النبيُّ ﷺ.

كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ۝ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران:93- 95].

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدَّثنا هشام بْنُ الْقَاسِمِ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْحَمِيدِ: حَدَّثَنَا شَهْرٌ قال: قال ابنُ عباسٍ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ، لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنِ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَى بَنِيهِ، لَئِنْ أَنَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ. قَالَ: فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ: أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ وَكَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ والأُنْثَى؟ وأخبرنا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟ وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؟ فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ لَئِنْ أخبرهم ليُتابعنَّه.

فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ إِسْرَائِيلَ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَطَالَ سُقْمُهُ، فَنَذَرَ لِلَّهِ نَذْرًا لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ مِنْ سَقَمِهِ لَيُحَرِّمَنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إليه، وكان أحبّ الطعام إليه لحم الإبل، وأحبّ الشّراب إليه ألبانها؟ فقالوا: اللهم نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ، فَأَيُّهُمَا عَلَا كَانَ لَهُ الْوَلَدُ وَالشَّبَهُ بِإِذْنِ اللَّهِ: إِنْ عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ ذَكَرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِنْ عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ كَانَ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ.

قَالُوا: وَأَنْتَ الْآنَ فَحَدِّثْنَا مَن وليُّك من الملائكة؟ فعندها نُجامعك ونُفارقك. قَالَ: إِنَّ وَلِيِّيَ جِبْرِيلُ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا وَهُوَ وَلِيُّهُ، قَالُوا: فَعِنْدَهَا نُفارقك، لو كَانَ وَلِيُّكَ غَيْرَهُ لَتَابَعْنَاكَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ الآية [البقرة:97]. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بِهِ.

الشيخ: شهر فيه ضعفٌ، ومُدلِّسٌ أيضًا، لم يُصرّح بالسَّماع، لكن القصّة مشهورة، نعم.

س: ..............؟

ج: الذي أخبرت عنه الرسل الماضين، وهو النبي محمد ﷺ، يعني: عن شأنه في النوم، كان تنام عيناه، ولا ينام قلبُه.

س: شهر بن حوشب أحد العلماء المعاصرين، ألّف فيه رسالة اسمها: "العرف المطيب في شهر بن حوشب"، وقال فيها: إنه حسن الحديث؟

ج: هو حسن الحديث إذا صرَّح بالسَّماع، وإلا فله أوهام.

س: وثَّقه أحمدُ وابنُ معين؟

ج: اختُلف فيه، لكن هذا أحسن ما قيل فيه: أنه حسن الحديث إذا لم يُخالفه مَن هو أوثق منه، وصرَّح بالسَّماع.

س: حديث أبي هريرة: الدنيا ملعونة، ملعونٌ مَا فيها؟

ج: إلا ذكر الله وما والاه، وعالـمًا ومُتعلِّمًا، طيبٌ، لا بأسَ به.

س: يعني: حسن أو صحيح؟

ج: ما أعلم حاله، لكنه لا بأسَ به، جيد.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعِجْلِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، إِنَّا نَسْأَلُكَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنْ أَنْبَأْتَنَا بِهِنَّ عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَاتَّبَعْنَاكَ، فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ إِسْرَائِيلُ عَلَى بَنِيهِ إِذْ قال: اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ [يوسف:66]، قَالَ: هَاتُوا، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ عَلَامَةِ النَّبِيِّ. قَالَ: تَنَامُ عَيْنَاهُ، وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا كَيْفَ تُؤَنِّثُ الْمَرْأَةُ؟ وَكَيْفَ تُذَكِّرُ؟ قَالَ: يَلْتَقِي الْمَاءَانِ، فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَتْ، وَإِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ آنَثَتْ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: كَانَ يَشْتَكِي عِرْقَ النَّسَا، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُلَائِمُهُ إِلَّا أَلْبَانَ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الْإِبِلَ فَحَرَّمَ لُحُومَهَا، قَالُوا: صَدَقْتَ. قَالُوا: أَخْبِرْنَا مَا هَذَا الرَّعْدُ؟ قَالَ: مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ  مُوكَّلٌ بالسَّحاب، بيده -أو في يديه- مِخْرَاقٌ مِنْ نَارٍ يَزْجُرُ بِهِ السَّحَابَ يَسُوقُهُ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ ، قَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ؟ قَالَ: صَوْتُهُ، قَالُوا: صدقتَ، إنما بقيت واحدة، وهي التي نُتابعك إن أخبرتنا بها، إنَّه لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ مَلَكٌ يَأْتِيهِ بِالْخَبَرِ، فَأَخْبِرْنَا مَنْ صَاحِبُكَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالُوا: جِبْرِيلُ ذَاكَ يَنْزِلُ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ والعذابِ، عدوّنا، لو قلتَ: ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنَّبات والقطر لكان. فأنزل اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [البقرة:97] والآية بعدها.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعِجْلِيِّ بِهِ نَحْوَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

الشيخ: هم الأعداء، وإنما هذه حيدة عن الإسلام، وإلا فهم أعداء الإسلام، ويعرفون أنَّه نبيّ، وقد عرفوا ذلك من كتبهم، ولكنَّه الحسد والبغي -نعوذ بالله- حملهم على الجحود والاستكبار، وهم يعلمون أنَّ جبرائيل هو المرسل للأنبياء جميعًا، وهو السَّفير بين الله وبين رُسله، ولكنَّهم قومٌ بُهْتٌ، قومٌ عندهم العناد والحسد والبغي؛ ولهذا لو جاءتهم كل آيةٍ كما قال جلَّ وعلا: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:96- 97]، ويقول سبحانه: وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ [يونس:101].

وحديث المرأة جاء فيه: إذا علا، وإذا سبق، إذا علا ماءُ الرجل ماءَ المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا ماؤُها ماءَ الرجل أنّث بإذن الله. وفي روايةٍ أخرى: إذا سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأة كان الشَّبَه له، فإن سبق ماؤها ماءَه صار الشَّبَه لها.

واختلف أهلُ العلم: هل المعنى واحد؟ وأنَّ معنى "أذكر وأنّث" معناه الشَّبَه، أو المعنى مختلف؟

فقال قومٌ: معناهما واحد، وأنَّ معنى "أذكر" يعني: صار الشَّبَهُ للذكر، و"أنَّث" صار الشَّبَه للمرأة.

وقال آخرون: بل المعنى يختلف، فإذا علا ماؤُه صار المحلّ ولدًا ذكرًا، وإذا علا ماؤُها صار الولدُ أنثى، أمَّا السّبق فهو للشَّبه؛ إذا سبق ماؤُه ماءَها صار الشَّبَهُ له، وإذا سبق ماؤُها ماءه صار الشَّبَه لها، فجعل معنى العلو غير معنى السَّبق، والله جلَّ وعلا أعلم.

مُداخلة: عبدالله بن الوليد بن عبدالله ..... المزني، الكوفي، ويقال له: العجلي، ثقة، من السابعة. (الترمذي، والنَّسائي).

بكير بن شهاب الكوفي، مقبول، من السادسة. (الترمذي، والنَّسائي).

الشيخ: مقبول، يصلح عند المتابعة، إذا تابعه غيرُه، وقد يكون ..... مُتابع أيضًا يكون حسنًا، من باب الحسن، وهذه المشهورة عن اليهود -قبَّحهم الله- ولكن لم تنفعهم، نسأل الله العافية.

س: المراد بالعلو أنَّ ماء الرجل يطفو على ماء المرأة .....؟

ج: على ظاهر الحديث.

س: .............؟

ج: لا بأس به، أحدهما يشهد للآخر، لكن في هذا خمسٌ، وفي ذاك أربعٌ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالْعَوْفِيُّ: عن ابن عباسٍ: كان إسرائيلُ عليه السلام -وهو يعقوب- يَعْتَرِيهِ عِرْقُ النَّسَا بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يُقْلِقُهُ وَيُزْعِجُهُ عَنِ النَّوْمِ، وَيُقْلِعُ الْوَجَعُ عَنْهُ بِالنَّهَارِ، فَنَذَرَ لِلَّهِ لَئِنْ عَافَاهُ اللَّهُ لَا يَأْكُلُ عِرْقًا، ولا يأكل ولدَ ما له عرق. وهكذا قال الضَّحاك والسّدي. كذا رواه، وحكاه ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: فَاتَّبَعَهُ بَنُوهُ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ اسْتِنَانًا بِهِ وَاقْتِدَاءً بِطَرِيقِهِ.

قَالَ: وَقَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ أَيْ: حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ.

قُلْتُ: وَلِهَذَا السِّيَاقِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ مُنَاسَبَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّمَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ وَتَرَكَهَا لِلَّهِ، وَكَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرِيعَتِهِمْ، فَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، فَهَذَا هُوَ الْمَشْرُوعُ عِنْدَنَا، وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مِمَّا يُحِبُّهُ الْعَبْدُ ويشتهيه، كما قال تعالى: وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ [البقرة:177]، وقال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ الآية [الإنسان:8].

الشيخ: والمعنى في هذا أنَّه حرَّم أحبَّ الطعام إليه يتقرَّب به إلى الله ، كما أنَّ هنا عندنا التَّقرب بالصَّدقة والمال والإنفاق، كان في شريعتهم كونه يُحرم على نفسه ما هو أحبّ إليه؛ تقرُّبًا إلى الله جلَّ وعلا، وردعًا لنفسه عن بعض شهواتها، هذا سائغ في شريعتهم، أمَّا في شريعة محمدٍ ﷺ فلا يجوز للمُسلم أن يُحرّم ما أحلَّ الله، ولا يحلّ له ذلك، بل عليه كفَّارة يمينٍ في ذلك؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1]، فليس للمُسلم أن يُحرم ما أحلَّ اللهُ له، ولا يتقرّب بذلك إلى الله في هذه الشَّريعة المحمدية، وإنما يتقرب بالإنفاق والعمل الصَّالح، لا بتحريم ما أحلَّ الله.

المناسبة الثانية: لما تقدم بيان الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى وَاعْتِقَادِهِمُ الْبَاطِلِ فِي الْمَسِيحِ، وتبيين زَيْف مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، وَظُهُورُ الْحَقِّ وَالْيَقِينِ في أمر عيسى وأمّه، كيف خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَبَعَثَهُ إِلَى بَنِي إسرائيل يدعو إلى عبادة ربِّه تبارك وتعالى؛ شَرَعَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ -قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تعالى- وَبَيَانِ أَنَّ النَّسْخَ الَّذِي أَنْكَرُوا وُقُوعَهُ وَجَوَازَهُ قد وقع، فإنَّ الله تعالى قَدْ نَصَّ فِي كِتَابِهِمُ التَّوْرَاةِ أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ جَمِيعَ دَوَابِّ الْأَرْضِ يَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ لُحْمَانَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا، فَاتَّبَعَهُ بَنُوهُ فِي ذَلِكَ، وجاءت التَّوراةُ بتحريم ذلك، وأشياء زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.

وَكَانَ اللَّهُ  قَدْ أَذِنَ لِآدَمَ فِي تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ، وَقَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ التَّسَرِّي عَلَى الزَّوْجَةِ مُبَاحًا فِي شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، وقد فعله إِبْرَاهِيمُ فِي هَاجَرَ لَمَّا تَسَرَّى بِهَا عَلَى سَارَّةَ، وَقَدْ حُرِّمَ مِثْلُ هَذَا فِي التَّوْرَاةِ عليهم.

وكذلك كان الجمعُ بين الأختين سائغًا، وَقَدْ فَعَلَهُ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ جَمَعَ بَيْنَ الأختين، ثم حرم عليهم ذلك فِي التَّوْرَاةِ.

وَهَذَا كُلُّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي التَّوراة عندهم، وهذا هُوَ النَّسْخُ بِعَيْنِهِ، فَكَذَلِكَ فَلْيَكُنْ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي إِحْلَالِهِ بَعْضَ مَا حَرَّمَ فِي التَّوْرَاةِ، فَمَا بَالُهُمْ لَمْ يَتْبَعُوهُ؟ بَلْ كَذَّبُوهُ وَخَالَفُوهُ! وَكَذَلِكَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا ﷺ من الدِّين الْقَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَمِلَّةِ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَا بَالُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ؟!

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ [آل عمران:93] أَيْ: كَانَ حِلًّا لَهُمْ جَمِيعُ الْأَطْعِمَةِ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ إسرائيلُ.

ثم قال تعالى: فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران:93] فَإِنَّهَا نَاطِقَةٌ بِمَا قُلْنَاهُ فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [آل عمران:94] أَيْ: فَمَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى أَنَّهُ شَرَعَ لَهُمُ السَّبْتَ وَالتَّمَسُّكَ بِالتَّوْرَاةِ دَائِمًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا آخَرَ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ بِالْبَرَاهِينِ وَالْحُجَجِ بَعْدَ هَذَا الَّذِي بَيَّنَّاهُ مِنْ وُقُوعِ النَّسْخِ وَظُهُورِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

الشيخ: لعله مستقيم بالنسبة إلى الماضين، قد يُوقع النّسخ في الماضين، خلافًا لما ذكرته اليهود؛ ولهذا بعث الله عيسى بالنّسخ: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [آل عمران:50]، وهم أنكروا عليه وكذبوا وافتروا وعاندوا عيسى، وقالوا: إنه ولد بغيٍّ! وأنكروا رسالته، عليهم لعائن الله المتتابعة، فهم قومٌ بُهْتٌ، قوم شرٍّ، قوم فسادٍ وعنادٍ، نسأل الله العافية، إلا مَن هداه اللهُ، نعم.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ أي: قل يا محمد: صدق الله فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَفِيمَا شَرَعَهُ فِي الْقُرْآنِ، فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران:95] أَيِ: اتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَإِنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا مِرْيَةَ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ بِأَكْمَلَ مِنْهَا، وَلَا أَبْيَنَ، وَلَا أَوْضَحَ، وَلَا أَتَمَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام:160- 161]، وَقَالَ تَعَالَى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل:123].

الشيخ: الحمد لله، الله يجعلنا وإيَّاكم ممن يثبت عليها، ويستقيم عليها، ملّة إبراهيم هي عبادة الله وحده، وطاعة رسله، والإيمان بكلِّ ما أخبر به، وأخبرت به رسلُه.

أضف للمفضلة
شارك على فيسبوكشارك على غوغل بلس
مجموع الفتاوى
مسيرة عطاء
banner
  إحصائيات المواد
  عن الموقع
Share via Email
التصنيفات
  • الفقهية
  • الموضوعية
  • العبادات
    • الطهارة
      • المياه
      • الآنية
      • قضاء الحاجة
      • سنن الفطرة
      • فروض الوضوء وصفته
      • نواقض الوضوء
      • ما يشرع له الوضوء
      • المسح على الخفين
      • الغسل
      • التيمم
      • النجاسات وإزالتها
      • الحيض والنفاس
      • مس المصحف
    • الصلاة
      • حكم الصلاة وأهميتها
      • الأذان والإقامة
      • وقت الصلاة
      • الطهارة لصحة الصلاة
      • ستر العورة للمصلي
      • استقبال القبلة
      • القيام في الصلاة
      • التكبير والاستفتاح
      • القراءة في الصلاة
      • الركوع والسجود
      • التشهد والتسليم
      • سنن الصلاة
      • مكروهات الصلاة
      • مبطلات الصلاة
      • قضاء الفوائت
      • سجود السهو
      • سجود التلاوة والشكر
      • صلاة التطوع
      • أوقات النهي
      • صلاة الجماعة
      • صلاة المريض
        • صلاة المسافر
      • صلاة الخوف
      • أحكام الجمع
      • صلاة الجمعة
      • صلاة العيدين
      • صلاة الخسوف
      • صلاة الاستسقاء
      • المساجد ومواضع السجود
      • مسائل متفرقة في الصلاة
      • الطمأنينة والخشوع
      • سترة المصلي
      • النية في الصلاة
      • القنوت في الصلاة
      • اللفظ والحركة في الصلاة
      • الوتر وقيام الليل
    • الجنائز
      • غسل الميت وتجهيزه
      • الصلاة على الميت
      • حمل الميت ودفنه
      • زيارة القبور
      • إهداء القرب للميت
      • حرمة الأموات
      • أحكام التعزية
      • مسائل متفرقة في الجنائز
      • الاحتضار وتلقين الميت
      • أحكام المقابر
      • النياحة على الميت
    • الزكاة
      • وجوب الزكاة وأهميتها
      • زكاة بهيمة الأنعام
      • زكاة الحبوب والثمار
      • زكاة النقدين
      • زكاة عروض التجارة
      • زكاة الفطر
      • إخراج الزكاة وأهلها
      • صدقة التطوع
      • مسائل متفرقة في الزكاة
    • الصيام
      • فضائل رمضان
      • ما لا يفسد الصيام
      • رؤيا الهلال
      • من يجب عليه الصوم
      • الأعذار المبيحة للفطر
      • النية في الصيام
      • مفسدات الصيام
      • الجماع في نهار رمضان
      • مستحبات الصيام
      • قضاء الصيام
      • صيام التطوع
      • الاعتكاف وليلة القدر
      • مسائل متفرقة في الصيام
    • الحج والعمرة
      • فضائل الحج والعمرة
      • حكم الحج والعمرة
      • شروط الحج
      • الإحرام
      • محظورات الإحرام
      • الفدية وجزاء الصيد
      • صيد الحرم
      • النيابة في الحج
      • المبيت بمنى
      • الوقوف بعرفة
      • المبيت بمزدلفة
      • الطواف بالبيت
      • السعي
      • رمي الجمار
      • الإحصار
      • الهدي والأضاحي
      • مسائل متفرقة في الحج والعمرة
      • المواقيت
      • التحلل
    • الجهاد والسير
  • المعاملات
    • الربا والصرف
    • البيوع
    • السبق والمسابقات
    • السلف والقرض
    • الرهن
    • الإفلاس والحجر
    • الصلح
    • الحوالة
    • الضمان والكفالة
    • الشركة
    • الوكالة
    • العارية
    • الغصب
    • الشفعة
    • المساقاة والمزارعة
    • الإجارة
    • إحياء الموات
    • الوقف
    • الهبة والعطية
    • اللقطة واللقيط
    • الوصايا
    • الفرائض
    • الوديعة
    • الكسب المحرم
  • فقه الأسرة
    • الزواج وأحكامه
      • حكم الزواج وأهميته
      • شروط وأركان الزواج
      • الخِطْبَة والاختيار
      • الأنكحة المحرمة
      • المحرمات من النساء
      • الشروط والعيوب في النكاح
      • نكاح الكفار
      • الصداق
      • الزفاف ووليمة العرس
      • الحقوق الزوجية
      • مسائل متفرقة في النكاح
      • أحكام المولود
      • تعدد الزوجات
      • تنظيم الحمل وموانعه
      • مبطلات النكاح
      • غياب وفقدان الزوج
    • النظر والخلوة والاختلاط
    • الخلع
    • الطلاق
    • الرجعة
    • الإيلاء
    • الظهار
    • اللعان
    • العِدَد
    • الرضاع
    • النفقات
    • الحضانة
  • العادات
    • الأطعمة والأشربة
    • الذكاة والصيد
    • اللباس والزينة
    • الطب والتداوي
    • الصور والتصوير
  • الجنايات والحدود
  • الأيمان والنذور
  • القضاء والشهادات
  • السياسة الشرعية
  • مسائل فقهية متفرقة
  • القرآن وعلومه
  • العقيدة
    • الإسلام والإيمان
    • الأسماء والصفات
    • الربوبية والألوهية
    • نواقض الإسلام
    • مسائل متفرقة في العقيدة
    • التوسل والشفاعة
    • السحر والكهانة
    • علامات الساعة
    • عذاب القبر ونعيمه
    • اليوم الآخر
    • ضوابط التكفير
    • القضاء والقدر
    • التبرك وأنواعه
    • التشاؤم والتطير
    • الحلف بغير الله
    • الرقى والتمائم
    • الرياء والسمعة
  • الحديث وعلومه
    • مصطلح الحديث
    • شروح الحديث
    • الحكم على الأحاديث
  • التفسير
  • الدعوة والدعاة
  • الفرق والمذاهب
  • البدع والمحدثات
  • أصول الفقه
  • العالم والمتعلم
  • الآداب والأخلاق
  • الآداب والأخلاق المحمودة
  • الأخلاق المذمومة
  • الفضائل
    • فضائل الأعمال
    • فضائل الأزمنة والأمكنة
    • فضائل متنوعة
  • الرقائق
  • الأدعية والأذكار
  • التاريخ والسيرة
  • قضايا معاصرة
  • قضايا المرأة
  • اللغة العربية
  • نصائح وتوجيهات
  • تربية الأولاد
  • الشعر والأغاني
  • أحكام الموظفين
  • أحكام الحيوان
  • بر الوالدين
  • المشكلات الزوجية
  • قضايا الشباب
  • نوازل معاصرة
  • الرؤى والمنامات
  • ردود وتعقيبات
  • الهجرة والابتعاث
  • الوسواس بأنواعه