286 من: (باب استحباب إعادة السلام على من تكرَّر لقاؤه ..)

 
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيها الدلالة على شرعية تكرار السلام عند تكرار اللقاء، فإذا سلَّم على قومٍ ثم ذهب إلى جهةٍ وفارقهم ثم عاد إليهم يُسلِّم عليهم، أو حال بينه وبين أخيه جدارٌ أو حجرٌ أو شجرٌ ثم لقيه يُسلِّم عليه، وهذا فيه الحثُّ على أسباب المودة والمحبة؛ لأنَّ إفشاء السلام وكثرة السلام من أسباب المحبة والأُلفة، كما تقدَّم في قوله ﷺ: والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنةَ حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلَا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم، وفي السلام على أخيك يقول ﷺ: إذا لقيتَ أحدًا فسلِّمْ عليه، فإن حال بينك وبينه جدارٌ أو شجرةٌ أو حجرٌ ثم لقيتَه فسلِّمْ عليه.
وهكذا حديث المسيء: سلَّم على النبي ﷺ، ثم ذهب يُعيد الصلاة، ثم رجع فسلَّم، ولم يُنكر عليه النبيُّ ﷺ، فدل على أنه إذا قام من المجلس لحاجةٍ -كأن يُصلي راتبةً أو غيرها- ثم رجع إليهم يُسلِّم.
وهكذا إذا دخل بيتَه يُسلِّم على أهله -زوجته أو أولاده أو غيرهم-: "السلام عليكم"، وقوله: عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النور:61] لأن أهل الإنسان من نفسه، كما قال تعالى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ [المائدة:105]، فالإنسان يُجاهد نفسه، ويُجاهد أهلَ بيته، فكلهم من نفسه، ولهذا قال لأنسٍ: إذا دخلتَ على أهلك فسلِّمْ عليهم، فإنها بركة عليك وعلى أهلك، هذا من السّنة، ولو على زوجته: "السلام عليكم"، وهي تقول: "وعليكم السلام ورحمة الله"، زوجها وأمها أو غيرهما، هذا من المشروعات العامَّة للمؤمنين فيما بينهم عند التَّلاقي، وعند دخول البيت.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: ما المقصود بـ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ [النور:61]؟
ج: يعني: أهل البيت، فالذي ما فيه أحد ما يُسلِّم عليه، يعني: يُسلِّم على مَن في البيت.
س: وإذا دخل في بيتٍ وأهله تاركين الصلاة، ففي هذا الموقف ماذا يفعل؟
ج: التاركين للصلاة ما هم بأهلٍ له، يُبْعِدهم ويُفارقهم، ليسوا بأهله.
س: من باب صلة الرحم؟
ج: لا، يُجاهدهم حتى يُسْلِموا، ولا يبدأهم بالسلام.
س: .............؟
ج: نعم، ما أعلم فيه شيئًا، هذا أمرٌ معروفٌ من الأحاديث الكثيرة.
س: صحة حديث: (إذا تفرَّقا بالجدار أو غيره)؟
ج: صحيح لا بأس به.
س: لو قلتُم في حديثٍ مثلًا: "لا بأس به"، فهل لنا أن نقول ..؟
ج: يعني: من باب الحسن، ومن باب الصحيح، هذا معناه، الحسن والصحيح، يقال: لا بأس به، ويقال: جيد، ويقال: قوي، فكلها عبارات متقاربة.
س: إذا كانت مجموعة فيهم المسلم وغير المسلم، كيف أُسلّم عليهم؟
ج: سلِّمْ على الجميع وانوِ المسلمين، فالنبي مرَّ على مجلسٍ فيه مسلمون ويهود ووثنيون، فسلَّم عليهم والنية على المسلمين.
س: ترك الصلاة في جماعةٍ هل هو أشد من الكبائر؟
ج: لا، معصية، ترك الصلاة في الجماعة بدون عذرٍ من باب المعاصي.
س: مَن قال: أنها أشدّ من الربا والزنا والخمر؟
ج: ما أخبر دليلًا على هذا.
س: ولكن من الكبائر؟
ج: ما أخبر دليلًا، هي معصية، ترك الجماعة معصية؛ لأنَّ الرسول ﷺ أمر بالصلاة في جماعةٍ، وقال للأعمى لما قال له: "إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد"، قال: هل تسمع النِّداءَ بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب.
س: فيه وعيد شديد؟
ج: ما أتذكر فيه وعيدًا إلا قول ابن مسعود: "لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق أو مريض"، هذا من كلام ابن مسعود.
س: بالنسبة للسلام على غير المسلم من باب الدَّعوة: هل يكون بالصيغة الشَّرعية أم ..؟
ج: لا يُبْدَأ، لا تَبْدَأْه.
س: ولو من باب الدعوة؟
ج: لا تبدأه، يقول ﷺ: لا تبدؤوا اليهود ولا النَّصارى بالسلام، والوثني أشدّ كفرًا منهم.
س: ولو كان بغير الصيغة الشرعية؟
ج: "كيف حالك؟ وكيف أنت؟" ما يُسمَّى سلامًا، أو "كيف أولادك؟" أو "كيف حالك يا فلان" ثم يدعوه إلى الله، ما يُخالف، هذا ما هو بسلامٍ.
س: "مساء الخير"، "صباح الخير"، "صبَّحك الله بالخير"؟
ج: يقول: "كيف حالك؟ وكيف أنت؟"، ما يقول: "السلام عليكم".
س: ما يقول: "صبَّحك الله بالخير"؟
ج: سهل، ما هو بسلامٍ، فإذا رأى المصلحة في ذلك فعله.
س: قد يكون "صبَّحك الله بالخير" من الدّعاء له؟
ج: دعاء نعم، وليس من السلام.
س: ما فيه بأس؟
ج: إذا رأى المصلحة في ذلك؛ لأنَّ السلام هو "السلام عليكم".